Page 58 - العدد 187 من مجلة شاعر المليون
P. 58

أجنحـة شـاعر خلود بناصر
قراءة الكتب أم امتلاكها؟
رغبتنا في قراءتها، لكنه لا يقول شيئاً
عن إمكانية تحقق ذلـك فعلياً، فقد
ينتهي الحماس عند اقتناء الكتاب
فــقــط، ويــحــدث أن تـصـطـدم رغبة سنواتسابقة،بلأعتقدأنهكلمامّرمرتبطةبكونناُقــّراء،لكنمايجعلناالقراءةبتحدياتكثيرة،خاصةأمام ضيق الوقت في عصرنا، لذا كثيراً ما
نؤجل قراءة بعض الكتب على أمل أن نحظى بالفرصة لاحقاً.
وليس ضيق الوقت السبب الوحيد في تأجيل القراءة، فأحياناً لا نجد في الصفحات الأولى من الكتاب ما يدعونا للاستمرار فنضعه جانباً، ويتلاشى ما يحفزنا لقراءته لاحقاً، بالإضافة إلى أسبابتتعلقبتقديمأنشطةمننوع آخر على القراءة، وأياً كانت الأسباب مقنعة أم لا، فإننا نستمر بالشكل نفسه
في مزاولة عادتنا بامتلاك الكتب. وتسهم العناوين في إثارة اهتمامنا ببعض الكتب، خاصة الإبداعية، ولعلها تخلق تأثيراً أكبر على القارئ في حالة ابـتـعـاده لـفـتـرة طـويـلـة عــن الــقــراءة، ويستعيد القارئ في وقت معين رغبته بالقراءة،معبراًعنذلكبرغبتهالملحة فيقراءةكلالكتبالتيتثيراهتمامه. على خلاف هذا، فالقارئ الذي يوجد فيحالةمن»الشبع«غالباًمايحصل
كذلك في الحقيقة هو فعل القراءة نفسه، وما يؤكد هذه الفكرة أن كثيراً مما قـرأنـاه قد لا يتوفر على رفوف مكتباتنا، لأنـنـا ببساطة قـرأنـاه في إحــدى المكتبات العامة أوفــي كتاب اسـتـعـرنـاه مــن أصـدقـائـنـا، فــي هـذه الحالة لا يوجد أثر مادي للكتاب يقول إننا قرأناه والأثر الوحيد الذي يمكن البحثعنهيوجدفيثقافتناوتكويننا
المعرفي. أحياناً ننسى ما يتوفر في مكتبتنا
الخاصة، ونتفاجأ من بعض العناوين التي بالكاد نتذكر سياقها، وينبغي الاعــتــراف بحاجتنا المستمرة إلى تحديث مكتباتنا والتخلي عن بعض العناوين التي لم نعد نملك تجاهها أي فضول بعد أن كانت في وقـت سابق -أولمتكنأصــًلا-مح َّلاهتمامنا، وهوتحديثيفرضهارتفاععددالكتب
لدينا. يُترِجمالحصولعلىكتبمعينة
وقت طويل على اقتناء كتاب أصبح من الصعب أكثر أن نقرأه، لأن اهتمامنا به وبموضوعه يتراجع لنكتسب اهتمامات
الـــقـــراءة كـمـا قــد تنبع مــن إحـسـاس بالألفة تجاه الكتب والحاجة لكونها قريبة أكبر من الحاجة إلى قراءتها.
هل قرأنا كل كتاب اشتريناه؟ أحزر أن أغلبنا سيجيب بالنفي. لم نقرأ كل ما حصلنا عليه من كتب هذا العام، وربما لم نستكمل بعد قراءة كتب تخص
يمكن اعتبار امتلاك الكتب خاصية
أخرى في المقابل. لكن المثير للدهشة أنه رغم معرفتنا
المسبقة بمصير هذه الكتب، إلا أننا نستمر بالحصول عليها ومراكمتها، وفي النهاية تدخل إلى الرفوف، حيث تُع ِّمرطويًلاقبلأنتُقرأ،وقدلاتُقرأ، وتتحول إلى زينة داخل البيت، وتندرج هذه الظاهرة في سياق أوسـع يتمثل فـي عـــادة شـــراء أشـيـاء لا حـاجـة لنا بها أيـاً كانت، كتباً أم غير ذلـك، فما
الأسباب الخفية وراء هذه العادة؟ لا بد أن نميز مبدئياً بين فعلين قد يكون من المستغرب التمييز بينهما هما: امتلاك الكتب وقراءتها. معنى هــذاأنمـجـردالاهـتـمـامبالحصول علىالكتبدونقراءتهالايجعلمّنا ُقّراء.وتُع ِّبررغبتُنافيامتلاكالكتب فيأحسنالأحوالعنوعينابأهمية
شاعر المليون العدد 187 أغسطس 2022
56













































































   56   57   58   59   60