Page 22 - Nafahat Ramadan
P. 22
نب ّوة عيسى وبشر ّيته
اتخــذ الّنصــارى نبّيهــم عيســى -عليــه الســام- إلهــًا لهــم،عندمــارأوامــالــهمــنمعجــزاتأّيــدهبهــاالله تعالـى، فبالإضافـة إلـى أّنـه كان يحيـي الموتـى وُيبـرء الأكمــهوالأبــرصبــإذنالله،فإّنــهكانقــدُولــددون أب،فتعّللـوابذلـكليتخـذواعيسـى-عليـهالسـام-إلهـًا مــع الله تعالــى، لكــ ّن القــرآن الكريــم كان واضحــ ًا فــي ذكــر حقيقــة عيســى -عليــه الســام- فــي بشــرّيته أو ًلا، وفــي نب ّوتــه ثانيــ ًا، فقــد قــال الله تعالــى: ( َمــا ا ْل َم ِســي ُح اْبـُنَمْرَيـَمِإَّلَرُسـوٌلَقـْدَخَلـْتِمـْنَقْبِلـِهالُّرُسـُلَوُأُّمـُه ِص ِّدي َقــ ٌة َكا َنــا َيــ ْأ ُك َلا ِن ال َّط َعــا َم)، فهــو رســول مــن الله تعالــى،وهــوبشــرهــووأّمــهيــأكانالطعــامكســائر البشـر، وهـذه المعجـزات التـي جـاء بهـا كشـفاء المرضـى وإحيــاء الموتــى، إّنمــا هــي ُمعجــزة أّيــده الله -تعالــى- بهــا كمــا أّيــد باقــي أنبيائــه بالمعجــزات، وقــد ورد فــي الســ ّنة النبو ّيــة مــا يؤ ّكــد نبــوة عيســى -عليــه الســام- بقــولالرســولعليــهالســام:(مــن َشــِهَدأنلإلــهإّل اللهُوحــَدهلشــريَكلــهوأّنُمَحَّمــدًاعبــُدهورســوُله وأّنعيسـىعبـُداللهِوكلمُتـهألقاهـاإلـىمريـَموروٌح منــه، وأن الجنــ َة َ َحــ ٌّق وأن النــا َر َحــ ٌّق، وأن البعــ َث َحــ ٌّق
أدخلــه اللهُ مــن أ ِّي أبــوا ِب الجنــ ِة شــاء).
مولد عيسى عليه السلام
كانــتمريــم-عليهــاالســام-أّمعيســىمنقطعــًةعــن أهلهـا وقومهـا، تعبـد الله -تعالـى- حيـن جاءهـا جبريـل -عليـه السـام- علـى هيئـ ِة رجـ ٍل فدخـل عليهـا، فخافـت منــه مريــم -عليهــا الســام- فطمأنهــا وأخبرهــا أّنــه لــن يمّسـهابسـوء،ثـّمبّشـرهابأّنهـاسـتحملفـيبطنهـانبّيـًا مـن أنبيـاء الله، ومـ ّرت أشـهر الحمـل يسـير ًة علـى مريـم حتـى جـاء موعـد الوضـع، وذكـر الله -تعالـى- حالهـا عنـد الوضـع؛ فقـال: (فَ َأ َجا َء َهـا ا ْل َم َخـا ُض ِإ َلـى ِجـ ْذ ِع ال َّن ْخ َلـ ِة َقاَلـْتَيـاَلْيَتِنـيِمـُّتَقْبـَلَهـَذاَوُكْنـُتَنْسـًياَمْنِسـًّيا)، ولـم تتأ ّخـر رحمـة الله -تعالـى- لهـا فـُأذن لعيسـى -عليـه السـام- أن ينطـق لحظـة مولده ُليطمئنهـا، حيث قال الله تعالـى: ( َفَنا َدا َهـا ِمـ ْن َت ْحِت َهـا َأَّل َت ْحَزِنـي َقـ ْد َج َعـ َل َرُّبـ ِك َتْحَتـِك َسـِرًّيا*َوُهِّزيِإَلْيـِكِبِجـْذِعالَّنْخَلـِةُتَسـاِق ْطَعَلْيـِك ُرَطًبـاَجَِنًّيا*َفُكِلـيَواْشـَرِبيَوَقـِّريَعْيًنـاَفِإَّمـاَتَرِيـَّنِمـَن اْلَب َشـِرأ َحـًدا َفُقوِلـي ِإِّنـي َنـَذْر ُت ِللَّر ْحَمـِن َصْوًمـا َفَلـْن ُأَكِّلـَماْلَيـْوَمِإْنِسـًّيا)،فكانـتهـذههـيالمـرةالأولـى التــي ينطــق فيهــا عيســى -عليــه الســام- فــي مهــده. ذهبـت مريـم -عليهـا السـام- إلـى قومهـا تحمـل ابنهـا بيـن يديهـا، فأنكـر عليهـا القـوم ذلـك واتهمومهـا بالبغـاء لعلمهــمأّنهــالــمتكــنمتزّوجــة،ولأّنمريــمكانــت صائمـ ًة لله -تعالـى- عـن الـكام، فلـم ُتجبهـم بـل أشـارت إلـى طفلهـا، فأنطـق الله عيسـى بـن مريـم مـّر ًة أخـرى مدافعـًاعـنأّمـهومطمئنـًالهـا،فقـال:(َقـاَلِإِّنـيَعْبـُد الَّلــ ِه آَتاِنــ َي اْل ِكَتــا َب َو َج َعَلِنــي َنِبًّيا* َو َج َعَلِنــي ُمَبــاَر ًكا َأ ْيــ َن َمــا ُك ْنــ ُت َو َأ ْو َصا ِنــي ِبال َّصــ َلا ِة َوالــ َّز َكا ِة َمــا ُد ْمــ ُت
َحًّيا*َوَبــًّرا ِبَواِلَدِتــي).