Page 121 - Lybia Flipbook
P. 121
وتُعتبر الإعتمادات المستندية هي أكثر الطرق فاعلية لتأمين التمويل بالعملة الأجنبية إلى حد كبير. وفي هذه العملية يقوم أحد البنوك الليبية بتقديم ضمان لأحد البنوك في الخارجبأنالُمَصِّدرسيحصلعلىمستحقاتهبمجردشحن البضائع. لكن الحصول على هذا الضمان صعب، بل يُعد أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الناشئة أو الشركات التي تقودها نساء. وتتفاقم هذه التحديات بسبب صعوبات الحصول على التمويل المصرفي، والذي يتطلب في الغالب نوعاً معيناً من الموارد – «الواسطة»، وهي كلمة تشير إلى شبكة المعارف
الخاصة بصاحب الشركة.
وهناك، مع ذلك، قطاع خاص نشط للغاية بعيداً عن أنظار الإقتصاد الرسمي، حيث تعمل مجموعة واسعة من رواد الأعمال بشكل غير رسمي للتغلب على العقبات بإستخدام براعتهم. وحتى قبل عام 2011، وعندما كان القطاع الخاص يتعرض للقمع بشكل حقيقي، كان
وحتى يومنا هذا، يعتبر القطاع العام أكبر جهة للتشغيل والتوظيفعلىالإطلاق،حيثيستوعبكلالقوىالعاملة الليبية تقريباً. كما أن العمل في القطاع العام يظل مفضلاً لدى الليبيين لأنه يوفر دخلاً جيداً وثابتاً وغالباً ما يكون ذلك
ً
مقابل مجهود قليل نسبيا. في الواقع، وقبل عام 2011
ُ
وبعده، معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة أنشئت إما
لتكون مكملة للدخل الآتي من الوظيفة الحكومية، أو بدافع الضرورة بسبب عدم توفر وظيفة حكومية آمنة.
ويضم القطاع العام الضخم أكثر من 2000 مؤسسة مملوكة للدولة ومسؤولة عن الخدمات العامة الحساسة مثل الكهرباء والمياه. ومن المفترض أن تعمل هذه المؤسسات على أساس ربحي وأن توفر الإيرادات للخزانة العامة، لكن الكثير منها
يحقق الخسائر. إذا كانت تتعرض لنفس الديناميكيات التي يتعرض لها القطاع الخاص، فإنها كانت ستغلق أبوابها وتحل محلها كيانات منافسة. وبما أن موظفي هذه المؤسسات مدرجون على كشوف
ألهمت المباني المدمرة والمتهالكة التي تنتظر إزالتها «سامي» فكرة إستخدام أنقاضها لصنع خرسانة جديدة، بدلاً من إلقائها في مكبات النفايات. فالطلب على الخرسانة مرتفع دائماً ومورد مجاني مثل أنقاض المباني سيجعل إنتاج الخرسانة أرخص بكثير. ومن أجل تنفيذ فكرته، قام«سامي»بتسجيلشركةجديدةبسهولةوتحدثمع شركات البناء المحلية التي أبدت موافقتها سريعاً على شراء الخرسانة «المعاد تدويرها». وكان كل ما يحتاجه الآن هو تمويل شراء آلة تكسير الخرسانة التي يمكن استيرادها من أوروبا. وهنا بدأت التعقيدات، حيث اكتشف أن الحصول على التمويل من البنوك والنقد الأجنبي لإستيراد المعدات أمر مكلف و يستغرق وقتاً طويلاً، مما يرفع التكلفة بشكل كبير. وأطفأت الشهور التي قضاها «سامي» في محاربة الروتين جذوة حماسته الأولى، مما جعله يتساءل عما إذا كانت تطلعاته في مجال ريادة الأعمال ستبقى فقط في طورالأحلام.
توضح هذه القصة التحديات التي تواجهها الشركات، فعلى الرغم من أن القطاع الخاص يمثل نصف الإقتصاد في معظم البلدان المتقدمة، إلا أنه لم يتجاوز أبداً نسبة 5% في ليبيا. وهناك عدة عوامل تفسر هذا الأمر، لعل أهمها هو أنه قبل عام 2011، كان نظام الحكم يقوم على نموذج اقتصادي تديره الدولة وتم تهميش القطاع الخاص وتقييد أنشطته بصورة كبيرة. وعلى الرغم من أن الحكومات الحالية أكثر تفهماً ودعماً للقطاع الخاص، فلا تزال الموروثات الضخمة للقطاع العام
الإقتصاد غير الرسمي يشكل ما
يقرب من نصف الإقتصاد الحقيقي.
واليوم، يلعب القطاع غير الرسمي
دوراً أساسياً في الحياة اليومية،
بدءاً من تقديم الخدمات الطبية،
إلى صرف الدينار وبيع مياه الشرب وتقديم الخدمات الحيوية وسدالثغراتالتيخلفهاالقطاعالرسميوتعزيزالقدرةعلى
الصمود.8
وفي هذا الصدد، يُعد تجدد الصراع سلاحاً ذا حدين. وعلى الرغم من أن الفرص المتاحة للقطاع الخاص للتطور نشأت نتيجًةلرحيلالشركاتالأجنبيةوانهيارالخدماتالحكومية،لا تزال الظروف المواتية لنمو الشركات الليبية وتوسيع نطاقها بعيدة عن التطور. ومن ثم، لا تزال معظم منشآت الأعمال،
هناك طاقة مستمرة واندفاع يجعل الأمور مثيرة.» صالح، 21 سنة
الرواتب الحكومية وتستوعب الدولة تكاليف تشغيلهم، فإنهم
وضعفالبيئةالماليةوالتنظيميةتمثلعائقاًأمامروادالأعمال. يواصلونالعملدونحافزفورييدفعهمنحوالإصلاح.وتؤدي هذه الديناميكية إلى إقصاء المستثمرين من القطاع الخاص،
مما يعوق الإبتكار ويقلل الإستجابة لمتطلبات المستهلكين.
كما تبين تجربة «سامي»، فإن رواد الأعمال يجدون أنفسهم محاطينبمصاعبجمةللحصولعلىالتمويلوخاصة لتأمين الحصول على العملات الأجنبية، وهو أمر حيوي لشراء المعدات والمواد الخام التي لا تتوفر على المستوى المحلي.
القطاع الخاص يحاول شق طريقه
الحياة في ليبيا دائما متجددة! ً
121