Page 20 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 20
لقد استعار ثلاثتهم ذلك الق ّد المياس جسدا من ق ٍد حلبي شه ، كان من ابرز من غنوه المطرب السوري الشه صباح فخري، و ايلت عليه قدود كث ة ابدع الباري سبحانه وتعالى في سكبها وصقلها وتليينها وتلوينها، ك ابدع في شق صخرة الافكار لتسيل افكارا وكل ت رقراقة، تشدو بها حناجر ، احسن الرب في صنع اوتارها وتعميق قرارها، وجند لها سحرة كبليغ حمدي ينقلونها على بساط النغم، لتظلل عيشنا في كنف الرحمن ودنياه، وفي هذا الوجود الفيزيا المتكامل مع وجود رديف لا نستطيع استجلاء
مبتدأه ولا منتهاه. تقول كل ت هذا القد الموشح، والتي ابدعها القارئ الحافظ والشاعر الموسيقي الم ّلا عث ن الموصلي قبل نحو قرن من الزمان : قدك المياس يا عمري .............. يا غص البان كاليسر أنت أحلى الناس في نظري .............. جل من سواك يا قمري قدك المياس مد مال لحظك الفتان قتالا .............. هل لواصل خلد لا لا لا لا فاقطع الآمال وانتظري
عاش الم ّلا عث ن في الموصل فق ا يتي فاقدا لنعمة البصر، حفظ القرآن صغ ا، واجاد ترتيله بسبع قراءات، وامتاز بحسن الصوت، وكان ركنا من اركان الصوفية القادرية، واصبح عالما بالعربية والفارسية والتركية، وشاعرا صوفيا، وعالما بالموسيقى، طاف عواصم الطرب في عصره، بأمر من الاستانة، وانشد اشعاره الصوفية في الموصل وبغداد والحجاز وليبيا والقاهرة حيث تتلمذ على يديه عبده الحامولي وسيد درويش وغ هم. وظل مقربا من بلاط السلطان العث ، حتى ان السلطان عبد الحميد قد اعطاه
تصريحا خاصا يسمح له وجبه بدخول كافة قصوره ا فيها قصور الحريم.
القد لغة هو القامة والمقدار، واصطلاحا هو صنع شيء على مقدار شيء آخر، وهذا ما فعله اهل حلب اما، ح انشأوا قدودهم، لقد ق ّدوها من تواشيح والحان دينية صوفية في الغالب، وجعلوها منظومة غنائية بُنيت على قد اغان والحان شائعة. ولقد فعلوا هم وغ هم ذلك في كث من موشحات عث ن الموصلي رحمه الله، ومن ذلك الكث : ربيتك زغ ون، التي كانت موشح يا صفوه الرحمن زورو بالسنة مرة، والتي كانت موشح زر قبر الحبيب مرة فوق النخل، والتي كانت موشح فوق العرش فوق طلعت يا محلى نورها، والتي كانت موشح بهوى المختار المهدي اسمر يا ابو شامة، والتي كانت موشح أحمد أتانا بحسنه سبانا يا حبيبي لا تلمني فالهوى غدار، والتي كانت موشح لغة العرب اذكرينا، تقول كل ت هذا الموشح والتي غناها يوسف عمر : لغة العرب اذكرينا واند ما فات كيف ننساك وفينا نسمة الحياة هكذا الدهر علينا في شقى الانكاب كيف لا يرضى بنوك طالع الاسواد
ومن موشحاته ايضا: يا ام العيون السود التي غناها ناظم الغزالي، آه يا حلو يا مسليني والتي غناها كث ون جدا، وع الروزنا ع الروزنا والتي غنتها ف وز وآخرون ك .
ت القدود وترعرعت في اجواء الموشح والاجواء الصوفية التي عاشها سادتنا الاخيار والمتصوفة الابرار كعث ن الموصلي، ففي هذه الاجواء تحلق الارواح في الملكوت، وتستجلي كل ما جميل لا مر ، لتثبت ان الدين الحق جميل، وان الله جميل يحب الج ل، وهكذا يسهل على النقشبندي التعامل مع بليغ والاعجاب به، ويسهل على المؤذن في مساجد حلب صباح فخري ان يصبح مطرب القدود والموشحات، ويسهل على عث ن الموصلي الحافظ لقرآن الله ومرتله بسبع قراءات، ان ينشد قدك المياس يا عمري.
عندما داهمت داعش مدينة الموصل هدمت ثال هذا العا الفاضل، لأنها لا تريد للدين ان يكون جميلا ك اراده الله. .
22