Page 49 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 49

‫أبريل ‪2024‬‬‫الكمى فى تشكيل الوعى والمعتقدات لدى الناس‪ ،‬حتى‬
                      ‫لو كانت تلك المعلومات غير صحيحة	‪.‬‬

       ‫فيما تحـدث الدكتور محمد المـهـدى‪ ،‬مشي ًرا إلـى أن‬
       ‫الشائعات تلعب دورًا مؤث ًرا فى الأحداث على المستويين‬
       ‫الجماعى والفردى‪ ،‬وتابع مقد ًما بعض الأمثلة توضح‬
       ‫تأثير الشائعات‪ ،‬ومـن بـن ذلـك شائعة أن سقراط‬
       ‫يفسد عقول الشباب بما يطرح عليهم من تساؤلات‪،‬‬
       ‫وأدت هــذه الشائعة إلــى حشد الـــرأى الـعـام ضده‬
       ‫والمطالبة بقتله وهو ما تم بالفعل‪ ،‬وكذلك حينما أشاع‬
       ‫بعض أعوان نيرون أنه لم يحرق روما‪ ،‬وإنما أحرقها‬
       ‫مجموعة ممن يتبعون الديانة المسيحية‪ ،‬وهو ما أدى‬

           ‫إلى توجيه حملة اضطهاد نحو مسيحيو روما‪ 	،‬‬
       ‫وتابع موض ًحا أن الشائعات لها عدة أنواع مثل‪ :‬الشائعة‬
       ‫الزاحفة‪ :‬وهى التى تنتشر ببطء وبسرية‪ ،‬والشائعة‬
       ‫الاندفاعية‪ :‬وهى تنتشر بسرعة فائقة مستندة إلى‬
       ‫مشاعر انفعالية عنيفة‪ ،‬والشائعة الغاطسة‪ :‬وهى تنتشر‬
       ‫فى ظروف معينة ثم تختفى (تغطس) لتعاود الظهور فى‬
       ‫ظروف مماثلة‪ ،‬وشائعة الأمل وتنتشر فى الأوساط التى‬
       ‫تتمنى صحة هذه الشائعة‪ ،‬وشائعة الخوف وتنتشر فى‬
       ‫أجواء التهديد المولدة للمخاوف‪ ،‬وذلك لدفع الخائفين إلى‬
       ‫التسليم‪ ،‬وشائعة الخيانة وتنتشر بصفة خاصة فى أوقات‬
       ‫الحروب والأزمات المصيرية‪ ،‬وتتركز عادة على الفئات‬
       ‫المسئولة عن المواجهة مثل القادة السياسيون والعسكريون‪،‬‬
       ‫وشائعة البعبع‪ :‬وهى شائعة خوف مبالغة‪ ،‬وانتقل إلى دوافع‬
       ‫إطلاق الشائعات‪ ،‬مثل توجيه تلك الشائعة نحو الشخص‬
       ‫المستهدف لتشويه سمعته أو تغيير موقف الناس منه‪ ،‬وهذا‬

           ‫يحدث كثي ًرا تجاه أصحاب النفوذ والسلطان	‪ ‬‬
       ‫وفى مختتم حديثه أشار إلى عدة طرق لمقاومة الشائعات‬
       ‫وأبرزها‪ :‬اليقظة للشائعات فى أوقات الأزمات والحروب‬
       ‫وفترات التحول السياسى أو الإجتماعى؛ حيث يكون‬
       ‫المناخ مهيئًا لانطلاق الشائعات وانتشارها‪ ،‬مما يحتم‬
       ‫توافر المعلومات الصحيحة والصادقة عن أى موضوع‬
       ‫يهم الناس‪ ،‬مع تبنى أعلى درجات الشفافية مع الناس‬
       ‫حتى لا يقعوا فريسة الغموض والالتباس‪ ،‬والاهتمام‬
       ‫بتعليم الناس وثقافتهم‪ ،‬والأهم من ذلك تربية النشء على‬
       ‫التفكير النقدى الذى يتأسس على تمحيص الأمور قبل‬
       ‫تصديقها أو رفضها‪ ،‬علاوة على إشاعة فضيلة الصدق‬
       ‫فى المجتمع‪ ،‬واعتباره من أهم المقومات الأخلاقية للناس‬

             ‫بوجه عام ولقادة السياسة والفكر بشكل خاص‪	.‬‬
       ‫ختا ًما تحدثت الدكتورة هالة رمضان‪ ،‬مؤكدة أن موقع‬
       ‫«فيسبوك» ُيثل إحدى أبرز الشبكات الاجتماعية التى‬
       ‫انتشرت بصورة كبيرة وتضاعف عدد مستخدميه عبر‬
       ‫السنوات التالية؛ حيث يعتبره مستخدموه أحد أكثر المواقع‬
       ‫التى تساعد فى التواصل والتفاعل مع الآخرين‪ ،‬وهو ما تم‬
       ‫التوصل إليه بالدراسة الحالية التى أتمها المركز القومى‬
       ‫للبحوث الاجتماعية والجنائية؛ حيث أكدت نتائج الدراسة‬
       ‫الميدانية أن أغلب أفراد العينة يتابعون مواقع التواصل‬
       ‫الاجتماعى كأكثر وسائل الاتصال والإعلام استخدا ًما‬
       ‫ومتابعة‪ ،‬وفى مقدمتها موقع فيسبوك‪ ،‬وأوضحت الدراسة‬
       ‫أن الهدف من وراء نشر الشائعات من وجهة نظر أفراد‬
       ‫العينة جاءت أبرزها على النحو التالى‪ :‬خلق الفوضى فى‬
       ‫المجتمع‪ ،‬بث الخوف فى نفوس المواطنين‪ ،‬بث الكراهية بين‬
       ‫المواطنين‪ ،‬تحقيق المنفعة الشخصية والكسب المادى‪ ،‬النيل‬
       ‫من سمعة المنافسين الاقتصاديين أو السياسيين أو بعض‬
       ‫الشخصيات الفنية أو الإعلامية المخالفة فى الرأى‪ ،‬كما‬
       ‫أن الشائعات فى أحيا ٍن أخرى تكون عفوية وغير مقصودة‪،‬‬
       ‫وفى مختتم تلك الدراسة خلصت إلى ‪ ‬عدة توصيات تتعلق‬
       ‫بالمواجهة القانونية فيما يخص نشر الشائعات‪ ،‬وضرورة‬
       ‫مراجعة أحكام جرائم الإنترنت باستمرار للتأكد من‬
       ‫أنها تظل ذات صلة‪ ،‬وقابلة للتطبيق على مختلف أنواع‬
       ‫الجرائم التى قد ترتكب فى المجتمع‪ ،‬ووضع قواعد قانونية‬
       ‫ملزمة للمنصات الإلكترونية باتخاذ تدابير محددة لمكافحة‬
       ‫الشائعات والأخبار الكاذبة‪ ،‬مثل تعزيز المعلومات الموثوقة‬
       ‫ومكافحة الحسابات والمواقع التى تنشر معلومات كاذبة‪.‬‬
       ‫وإجراء حجب الموقع فى بعض الحالات التى تشكل فيه‬
       ‫الشائعة مسا ًسا بالأمن القومى أو المصالح العليا للبلاد‪،‬‬
       ‫والعمل على وضع ضوابط تحكم عمل شركات تكنولوجيا‬
       ‫الاتصالات فى إطار القانون الوطنى مع الاستفادة من‬

                ‫التجارب الدولية والإقليمية فى هذا الإطار‪.‬‬

‫‪49‬‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54