Page 56 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 56

‫القاهنذوان‬

‫جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة‬
   ‫استعمال أجهزة الاتصال‬

‫منذ إقراره فى عام‪ ،2003 ‬لم يشهد قانون تنظيم الاتصالات المصرى تطو ًرا تشريع ًيا إيجاب ًيا يتعلق بضرورة‬
‫ضبط المصطلحات والتعريفات الواردة به‪ ،‬وبشكل خاص التعريفات ذات الصلة بالسلوكات التى يجرمها‬
‫القانون‪ .‬ففى الوقت الذى توقفت فيه‪ ‬تعديلات‪ ‬القانون‪ ‬المقترحة‪ ‬من‪ ‬الجهاز‪ ‬القومي‪ ‬لتنظيم‪ ‬الاتصالا‬
‫ت‪ ‬الساعية إلى تحسين دور الجهاز فى حماية المنافسة الحرة وحماية حقوق المستخدمين فى مجال‬
‫العالتصىاتلامرتي‪،‬ر ُم ِهر َارفت تىععاديمل‪ ‬ا‪022‬ت أ‪ 2‬خقريوى ًيدا‪ ‬مجكديندوة‪ ‬صعلفهى‪ ‬ااباسنتتكخاداسمة‪  ‬توتشرشيغعييلة‪ . ‬تمفعرداضت‪ ‬االلتاتعصدايللاات‪.‬ت التى وافق البرلمان‬
‫فى ظل هذا التخبط‪ ،‬يعانى قطاع الاتصالات من إشكاليات جوهرية تضع المستخدمين عرضة للمسائلة‬
‫القانونية بسبب بعض النصوص غير المنضبطة‪ .‬على رأس هذه النصوص يأتى ما جاء بالفقرة الثانية من‬
‫المادة‪ 76 ‬من قانون تنظيم الاتصالات‪ ،‬رقم‪ 10 ‬لسنة‪ ،2003 ‬والمعروفة بجريمة‪“ ‬تعمد الإزعاج“‪ .‬على الرغم‬
‫عفشىرأوننت عضا ًعم‪ ‬ات‪،‬عمرني ًذفإا‪ ‬صمندارضب ًط‬  ‫واسع على مدار‬  ‫من استخدام جهات إنفاذ القانون جريمة‪“ ‬تعمد الإزعاج”‪ ‬بشكل‬
                                               ‫محكمة النقض‪،‬‬   ‫القانون‪ ،‬لم تنجح المحاكم المصرية بمختلف دراجتها‪ ،‬بما فيها‬
                                                                                 ‫ا‪ ‬أو‪ ‬الوقوف‪ ‬الصحيح‪ ‬على‪ ‬صور‪ ‬هذه‪ ‬الجريمة‪.‬‬
‫وتسعى هذه الدراسة إلى الإشارة إلى الإشكاليات المتعلقة بنص وتطبيق المادة‪ 76 ‬من قانون الاتصالات‪،‬‬
‫وطرح البدائل التشريعية الممكنة لتفادى هذه الإشكاليات‪ .‬تبدأ المذكرة بعرض التطور التشريعى لجريمة‬
‫تعمد الإزعاج فى القوانين المصرية المختلفة‪ ،‬قبل أن تنتقل إلى أوجه شبهة عدم دستورية المادة‪،76 ‬‬
                                                                                       ‫وتنتهى بتوصيات لتعديل تلك المادة‪.‬‬

‫المادة‪ 303 ‬كما تعاقب على السب بالطريق المذكور بالعقوبة المنصوص‬          ‫التطور التشريعى لجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل‬
‫عليها فى المادة‪ 306 ‬فإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذى ارتكب‬
‫بطريق التليفون طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب‬                                                              ‫الاتصالات‬
‫بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة‪ 308 ‬ومن البديهى أنه لا تشترط‬
‫العلانية لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة‪ 308 ‬مكررا“‪.‬‬       ‫جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل الاتصالات هى من‬
‫فى ذات اليوم الذى صدر فيه القانون رقم‪ 97 ‬لسنة‪ ،1955 ‬الذى‬
‫استحدث المادتين‪ 166 ‬مكرر و‪ 308‬مكرر فى قانون العقوبات‪ ،‬صدر قانون‬         ‫الجرائم المنصوص عليها فى أكثر من قانون‪ ،‬من بينها قانون العقوبات‬
‫آخر وهو القانون رقم‪ 98 ‬لسنة‪ 1955 ‬لإضافة المادة رقم‪ 95 ‬مكرر إلى‬
‫قانون الإجراءات الجنائية‪ .‬وتعد المادة‪ 95 ‬مكرر هى أول تنظيم تشريعى‬       ‫ملاحظته‬  ‫يمكن‬  ‫اكللجرقاينموةنت مطنوهًرامات‪.‬شريع ًيا‬  ‫وقانون الاتصالات‪ .‬شهد مفهوم‬
‫فى القانون الجنائى المصرى لمراقبة المكالمات الهاتفية‪ .‬جاءت تلك الإضافة‬                                                       ‫من سياقات إقرار الجريمة فى‬
‫لاعتبار أن جريمة الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات من الجرائم التى‬       ‫أو ًل‪ :‬سياق ومفهوم جريمة تعمد إزعاج الغير فى قانون العقوبات‬
‫تحدث فى غير علانية ويتعذر إثبات الدليل على ارتكابها إلا باستثناء‬
                                                                        ‫لم يرد فى التشريعات المصرية أى تنظيم قانونى بشأن السلوك‬
    ‫محدود يرد على الحق فى الخصوصية وحرمة المكالمات الخاصة‪.‬‬
‫نصت المادة المضافة إلى القانون على “لرئيس المحكمة الابتدائية‬            ‫الــذى ُسـمـى لاحـ ًقـا ب“تـعـمـد إزعـــاج الغير”‪ ‬حتى صــدور القانون‬
‫المختصة فى حالة قيام دلائـل قوية على أن مرتكب إحـدى الجرائم‬             ‫رقم‪ 97 ‬لسنة‪ 1955 ‬بتعديل قانون العقوبات‪ .‬استحدث المشرع وف ًقا لهذا‬
‫المنصوص عليها فى المادتين ‪ ١٦٦‬مكرراً و‪ ٣٠٨‬مكرراً من قانون العقوبات‬      ‫التعديل جرائم جديدة من بينها جريمة‪“ ‬التسبب عم ًدا فى إزعاج غيره‬
‫قد استعان فى ارتكابها بجهاز تليفونى معين أن يأمر بناء على تقرير مدير‬    ‫بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية”‪ ‬وف ًقا لنص المادة‪ 166 ‬مكر ًرا‬
‫عام مصلحة التلغرافات والتليفونات وشكوى المجنى عليه فى الجريمة‬
‫المذكورة بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة للمدة التى يحددها‪2“.‬‬                                      ‫التى أضيفت لقانون العقوبات‪1.‬‬
‫لكن‪ ،‬لم يضع المشرع‪ – ‬فى هذا النص‪ – ‬تعري ًفا محد ًدا لمفهوم الإزعاج‪،‬‬
‫فأطلق يد المحاكم فى تفسيره دون أى معيار تلتزم بضوابطه ويمكن‬             ‫أعدت وزارة العدل مذكرة إيضاحية لمشروع القانون سالف البيان لعرضها‬

                    ‫الاستناد إليه فى تعريفه‪ ،‬أو لبيان مدى تحققه‪.‬‬        ‫على مجلس الوزراء آنذاك للموافقة عليه وإصداره‪ .‬عللت الحكومة من‬
‫ثان ًيا‪ :‬سياق ومفهوم جريمة تعمد إزعـاج الغير فى قانون تنظيم‬
                                                                        ‫خلال هذه المذكرة رغبتها فى استحداث المادة‪ 166 ‬مكر ًرا بالعبارات‬
                                                     ‫الاتصالات‬          ‫التالية‪“ ‬كثرت أخيرا الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق‬
‫ظلت أحكام المادة‪ 166 ‬مكرر من قانون العقوبات مستقرة وقائمة حتى‬
‫صدر قانون تنظيم الاتصالات رقم‪ 10 ‬لسنة‪ .2003 ‬وضع القانون تنظي ًما‬        ‫التليفون واستفحلت مشكلة إزعاجهم فى بيوتهم ليلا ونهارا وأسماعهم‬

                                                                        ‫أقذع الألفاظ وأقبح العبارات واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية‬

                                                                        ‫واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة‬

                                                                        ‫إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقا للنصوص الحالية‬

                                                                        ‫الأمر الذى يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على‬

                                                                        ‫أيدى هؤلاء المستهترين‪ .‬وقد رؤى إضافة مادتين إلى قانون العقوبات‬

                                                                        ‫برقمي‪ 166 ‬مكررا و‪ 308‬مكررا تعاقب الأولى منهما كل من تسبب عمدا‬

                                                                        ‫فى إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية وتعاقب المادة‬

                                                                        ‫الثانية منهما على القذف بطريق التليفون بالعقوبات المنصوص عليها فى‬

                                                                                                                             ‫أبريل ‪562024‬‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61