Page 63 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 63

‫فقد أرسلَت أوراق الدعوى إلى َفضيلة مفتى الجمهورية لأخذ الرأى فى‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫و َتو ُجه ِه إلى محطة حافـلات شركة سركيس بميـدان الم َشحمـة بالمحـلة‬
            ‫معاقبته بالإعدام‪ ،‬فجاءت إجابة فضيلته على النحو التالي‪« :‬إنه لما كان‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫الكبرى وانتـظاره مـن الساعـة العاشرة وعـشر دقائـق ‪ ‬صبا ًحا حتى العاشرة‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫وواحد وعشرين دقيقة ل َيتي ّق َن من وجود المجنى عليها بالرغم من وجود‬
            ‫المقرر عند فقهاء الشريعة أن من تعدى على شخص باستخدام سلاح‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫حافلة َتستعد للتحرك‪ ،‬وبها مقاعد خالية وعلى ذات َخط السير‪ ،‬الذى‬

            ‫أبيض «سكين» الذى ينجم عن فعله القتل غالبا‪ ،‬فذلك من قبيل القتل‬
            ‫ِاب(ُكذَلِاِتلل‪8‬عأُ َ‪َ7‬بكمن َث‪1‬دَت)َعىالَلْْخيمََوفِفَولكَُمي ُكمُجْنْمٌافبْل ُعِِـفقِّلمِفلىنَقَصياا َْللَّرص ُِّبِهقاُصكُ ِمَْمصِفصاْن َوىَأ َرشِصاِخرْلْحيـََقعمَِْهتحاةٌَلَياإ َىٌةشَفع َْايمَيْم ٌءااِْنلُلـاَفأُـااوُِّّلرتِْلعَبَقِتباْيوَادعٌلْاِهىبلُلاـأَتـ ْْللَبَعَِّربْْععاالَُردَو ِوابى ْل‪:‬ذََِعَِلفلْ«بَعـَيـَلََّوكاُ َأدكُ ََأدْمَُِّفايبلََاءهَُْلتهاَِّإتَع َلُابقْـيََّلعْـِوهَِِذذدَنِياب ِإََون(ٌبا ْحلآ‪9‬أُأَََمنِ‪7‬سلَُنثاي‪1‬وٍ ٌم)نىاْ‬
            ‫«سورة البقرة»‪ .‬فإذا ما أقيمت هذه الدعوى بالطرق الم ُعتبرة ِق َبل المتهم‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫ر َصدت ُه كاميرات المراقبة فى هذا المكان « ِسنتر النصر التجاري» ‪ -‬وإن‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫كان لا يقدح فى ذلك أنه لم َيرها إلا بعد ُصعوده الحافلة التى تصا َدف‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫و ُجودها فيها إذ كان يسعى للتوصل إليها من خلال ذلك‪ -  ‬ومن اعترافه‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫باطمئنانه لرؤيتها لم َّا اس َتقل الحافلة التى وجدها فيها مع زميلاتها‪ ،‬ومن‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫اعترافه بتفكيره فى قتلها داخل الحافلة طيلة الرحلة التى استغرقت‬

            ‫محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله‪ ،‬ولم َتظهر فى الأوراق شبهة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫نصف الساعة من المحلة الكبرى إلى المنصورة ‪ ،‬و ِمن َتـ َريثه مؤقتا لانتهاز‬
            ‫َتدرأ ال ِقصاص عنه‪ ،‬كان جزاؤه الإعدام قصا ًصا لقتله المجنى عليها نيرة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫ُفـرص ًة أفضل َخـشي َة أ ْن َيـزو َد ال ُركاب عنها فتـف َشل ُخطته‪ ،‬و ِمن تتبعها لم َّا‬
                                 ‫أشرف أحمد عبد القادر عم ًدا َجــزا ًء وفا ًقا )‪.‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫َبلَغت الحافلة ُمنتهاها أمام بوابة الجامعة «بوابة توشكي» و ُنزول الجم ُع‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫منها وكانت المجنى عليها وزميلاتها من السابقات‪ ،‬و َع ْدوه ُمسر ًعا ليل َحق‬
            ‫وطالبت المحكمة فى نهاية حكمها بتعديل تشريعى لإذاعة تنفيذ الحكم‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫بها وسط زحام طلاب العلم ‪ -‬غي َر عابئ ب َمن حولها ‪ -‬وهو ما قال عنه‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫ن ًصا فى الصحيفة الثالثة عشرة‪« :‬وأول ما نزلنا هى كانت سابقانى‬
                                                                      ‫عل ًنا فى حيثياتها ‪:‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫بشـويـة وأنا نزلت وكان كـل اللى فى دمـاغى إ ْن أنا أروح أخلَّص عليها»‬
            ‫بأنه لم َّا كان‬   ‫فالم ُىجنتهمايعة‪ُ -‬ح ُمكـؤمهخا‪ً،‬را ُتـ َن‪-‬ـ ِّوهذببُحمناالسضبةحايهاذبه َغـايلردعذَنو ٍىب‪،‬‬  ‫(والم َحكمةُ‬
            ‫َجها ًرا نها ًرا‬                                                                                             ‫قــد َشاعَ فى‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫ومن‬   ‫ال َحرم الجامعى‬  ‫أو أدنى من ُدخول بوابة‬  ‫اإلسىتلأانل ِه اصلارَستكيقنا َمبنقو ِغ َسميدنه‬
            ‫والم َهو ُسـو َن بالمِـيديا يـَب ُثون ال ُجـر َم على الم َلأ فيرتاع الآمنو َن َخو ًفا و َهـــل ًعا‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫فيها‬  ‫و ُموالاة الطعن‬  ‫من بين طيات ملابسه‬
            ‫وما َيـل َبث الم ُجتمع أن ُيف َجــ ْع بمث ِل ذا ِت ال ُجـرم من جديد‪ ،‬ف ِمـن هذا‬
            ‫الم ُنطلَـ ِق‪ ،‬أ َلـ ْم يأ ِن لل ُمـشرع أ ْن َيجع َل تنفيذ العقا ِب بال َحق َمشهو ًدا‪ِ ،‬مثلما‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ‫حتى سقطت أر ًضا‪ ،‬واستمراره فى تسديد الطعنات إليها فى َمق َتلين‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫ُهما ُصدرها من جهة اليسار وجنبها الأيسر بعد ُسقوطها‪ ،‬قاص ًدا إزهاق‬
                                                        ‫الد ُم الم َسفو ُح بغير ال َحـ ِّق َصار َمشهو ًدا‪  .‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫روحها‪ ،‬ومن تهديده لحارس البوابة وطالب آخر حين حاولا إثنائه عن‬

            ‫‪        ‬الأمر الذى َمعه ُتـهي ُب الم َحكمةُ بالمشرع‪ ،‬أ ْن َيـ َتـناو َل بالتعدي ِل‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                             ‫ُجرمه‪ ،‬ثم َعودته إلى المجنى عليها ‪ -‬بعد تهويشهما ‪ -‬وإمساكه رأسها‬
            ‫ااَنللم ُإ َجصعتادَملامعامدى ُِةم االَمصلُنوخراظ ًةمم ِةعسلِةلىتوناافلليه ِسذوتا ِيء ُ‪،‬عنـ‪،‬قوولمبو ِنةفقاالىنإوعُِجنــدتازٍنمء؛ظَييِل ُِتمسيجٍَمـريراَزمكنإزذبَاـالإدع ِء َةصإتلناجفرحياءوذاالأِتتأحههكياذامل‬                                                                                                                                                                                                                                                  ‫ب ُيسراه وذ ْب ِحها من ُعنقها‪ ،‬ومن تأكيده فى تحقيقات النيابة العامة بأنه‬
            ‫الــ َّردعَ العا َم الم ُب َتـ َغى الذى لم‬  ‫ُي َحـقــ ُق‬  ‫التنفيذ‪ ،‬فقد يكو ُن فى ذل َك‪ ،‬ما‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫َفكر بهدوء ورَوية قبل أ ْن يقتل المجنى عليها منذ سنة ونصف قبل إتمام‬
            ‫َوحــ َده‪﴿ .‬و َيش ِف ُصدورَ قـو ٍم‬          ‫الأحكام‬       ‫َيت َحقـق ‪ -‬بَعـد ‪ -‬بإذاعة َمنطوق‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫جريمته إلى أ ْن اخت َمرت لديه الفكرة تما ًما فى رمضان الماضي‪ ،‬ومن‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫اعترافه كذلك بأنه الذى َيظهر فى الم َقاطع التى َصورتها كاميرات الم ُراقبة‬
                                                        ‫ُمؤمنين و ُيذ ِهـ ْب غي َظ قلوبهم﴾‪  .‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              ‫فى ُمحيط مكان الحادث‪ ،‬وبأنه القاتل للمجنى عليها بعد تفكيره وتدبيره‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫على النحو مار البيان‪ .‬فإ َّن هذه الخلافات التى استمرت ُقرابة العام‬
            ‫وقد استشعرت المحكمة أنه من الواجب فى هذا الموقف توجيه كلمة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫ونصف العام قبل الحادث‪ ،‬وإعداد المتهم أداة القتل «السكين» قبل التنفيذ‬

            ‫للمجتمع والمتهم والآباء والأبناء صدح بها المستشار بهاء المرى رئيس‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              ‫بعشرين يو ًما لهذا الغرض و َتـت ُبعه للمجنى عليها ومحاولة قتلـها أكثر من‬
                                                             ‫المحكمة قائلا ‪:‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫َمـ َّرة إلى أن ظفر بها‪ ،‬وطعنه لها بالسكين الم ُ َعد سل ًفا لقتلها به‪ ،‬وتوجيه‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫الطعنات فى َمقاتل من جسمها‪ ،‬فإ َّن هذا التخطيط الدقيـق الم ُحكم‪ ،‬سـواء‬
            ‫( دنيا مقبلة بزخارفها وإنسان متكالب على مفاتنها‪ .‬مادية سيطرت‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   ‫ما ت َّم منه قبل تنفيذ الجريمة أو خلالها‪َ ،‬يد ُل بيقين لدى المحكمة على‬
            ‫فاستلبت العقول وصار الإنسان آلة‪ .‬يقين غاب وباطل بالزيف يحيا‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫َتوافر قصد القتل وظرف سبق الإصرار فى َحـقه كما هو ُم َع َّرف به فى‬
            ‫وتفاهات بالجهر تتواتر‪ .‬وبيت غاب لسبب أو لآخر‪ .‬والمؤنسات الغاليات‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫القانون‪ ،‬دلت عليه ظروف الحال وملابسات الحادث وتصرفات المتهم‪،‬‬

                              ‫صرن فى نظر الموتورين سلعة والقوارير فواخير “‪.‬‬

            ‫وأضاف رئيس المحكمة ‪ ( :‬نفس تدثرت برداء حب زائف مكذوب‪..‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫والتى أوردتها المحكمة ) ‪.‬‬

‫أبريل ‪2024‬‬  ‫تأثرت بثقافة عصر اختلطت فيه المفاهيم ‪ ..‬الرغبة صارت حبا والقتل‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫وأضافت المحكمة فى أسباب حكمها بالإعدام ‪:‬‬

            ‫لأجله انتصارا والانتقام شجاعة وجرأة على قيم المجتمع تسمى حرية‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ‫(وحيث إن المحكمة وقد َتكو َنت عقيدتها بإدانة المتهم‪ ،‬وث َبت لديها بيقين‬
            ‫مكفولة ومن هذا الرحم ولد جنينا مشوها‪ ،‬ووقود الأمة صار حطبها‪..‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ‫ارتكابه لجريمته ال َشنعاء بقتل المجنى عليها عمدا مع سبق الإصرار‪ ،‬ولم‬
            ‫اعقدوا محكمة صلح كبرى بين قوى الإنسان المتباينة لننمى فيه أجمل‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫َيلق دفاعه بجلسات الم ُحاكمة ما ُيزعزع عقيدتها‪ ،‬و َق َّدرت ُعقوبة الإعدام‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫ل ِفعله الاجرامى فإنها عملا ب َمفاد نص المادة ‪ 2/381‬إجراءات جنائية‪،‬‬
                          ‫ما فيه‪ ..‬أعيدوا النشء الملتوى إلى حظيرة الإنسانية )‪.‬‬

‫‪63‬‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68