Page 9 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 9

‫الوجداني تترجمه مجموعة من القيـم الاجتماعية التي تربط أفراد‬         ‫والوطنية كانتماء عضوي بالدولة لا تحيا أو تتف ّعل دونما حاضن‬
              ‫المجتمع الواحد وتحضهم على فعل الخير من اجل الصالح العام‪...‬‬        ‫ديمقراطي يهبها الانتماء والاعتراف والتج ّذر‪ ،‬فالعلاقة بين الوطنية‬
                                                                                ‫والديمقراطية علاقة توأمة لأية تجارب ُتنتجها الجماعة السياسية‬
            ‫والوطنية لا تتحقق إلا إذا علم المواطن حقوقه كاملة سواء كانت‬         ‫المكونة للدولة‪ ،‬لأن الديمقراطية تقوم على أساس الاعتراف بالإنسان‬
            ‫هذه الحقوق مدنية أو سـياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية‪،‬‬      ‫وحقوقه الأساسية من كرامة واختيار وحرية وإرادة‪ ،‬وعلى أساس حق‬
            ‫وبعد أن يتعلم هذه الحقوق فإن عليه أن يمارسها ويسعى لتحقيقها‬         ‫المواطن بالتعبير والمشاركة و ُصنع القرار‪ ..‬وهي ذاتها مقومات الوطنية‬
            ‫وعدم التنازل عنها ‪ ،‬لأن الحـق يؤخـذ ولا يعطى ‪ ،‬ولا يضيع حق ورائه‬    ‫الف ّعالة والصالحة في ظل الانتماء و الـولاء للدولة ‪ ،‬من هنا كانت‬
                                                                                ‫الوطنية الديمقراطية أساس الفاعلية الاجتماعية لأنها تهب شروط‬
                                                                ‫مطالب‪.‬‬
            ‫ومهمة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية هي المحافظة على‬                              ‫النهضة وركائز الفاعلية الإنسانية والوطنية‪...‬‬
            ‫كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر‪..‬‬        ‫كما أن المشروع الحضاري الديمقراطي التي ُتشكّل الوطنية الفعالة‬
            ‫فهي تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين باعتبارها دولة مواطنة‪،‬‬          ‫عموده الفقري هو الضامن لإنتاج فاعلية اجتماعية تصاعدية من‬
            ‫تقوم على قاعدة ديمقراطية هي المساواة بين المواطنين في الحقوق‬        ‫خلال المجتمع الديمقراطي وهو المجتمع المتناغم في تشكيلاته الهادفة‬
            ‫والواجبات‪ ،‬وعليه فالمواطنون لهم حقوق يتمتعون بها‪ ،‬مقابل واجبا ٍت‬    ‫لإقرار المصالح العامة التي تعود على مؤسساته وأفراده بالنفع المباشر‪،‬‬
                                                                                ‫وهو المجتمع الممتلئ أصال ًة وسياد ًة ووعياً لذاته وأدواره ومسؤولياته‪،‬‬
                                                                ‫يؤدونها‪.‬‬        ‫وهو مجتمع الاختيار والقانون ‪ ،‬إذ يقوم على الحرية الم ُنتجة للاختيار‬
            ‫وهذه الوطنية لصيقة كليا بالدولة المدنية‪ ،‬فلا دولة مدنية بدون‬        ‫والقانون الم ُنتج للنظام‪ ،‬لذا فالحركية والفاعلية والإبداع والتقدم نتائج‬
            ‫مواطنة‪ ،‬ولا مواطنة بدون دولة مدنية‪ ،‬وعليه فالوطنية لا تتحقق إلا في‬
            ‫دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية تصون كرامة المواطن وقناعاته‬            ‫موضوعية للمجتمع القائم على أساس الوطنية الديمقراطية‪.‬‬
            ‫في ممارسة معتقداته وأفكاره بالشكل الذي يؤمن بها في إطار الدستور‬
                                                                                ‫والوطنية الفاعلة هي اسـتشعار المسئولية وتحمل الأمانـة والقيام‬
                      ‫الذي أقره الشعب والذي يحقق أهدافه ومراميه وغاياته‪.‬‬        ‫بكل ما يتطلبه صالح الوطن‪ ،‬وأنها تعتمد على الاتفاق القائم على‬
            ‫ومن حصاد كل ماتقدم ‪ ،‬تكون مفردتي الوطنية المتجذرة في الوجدان‬        ‫أساس التفاهم من اجل تحقيق السـلام الاجتماعي وضمان الحقوق‬
            ‫‪ ،‬والتي تتلاقى مع الانتماء الحقيقي للوطن ‪ ،‬و ما يربطهما بركائز‬      ‫الفردية والجماعية ‪ ،‬وأن الوطنية شـعور وجداني بالارتباط بالأرض‬
            ‫فكرية ‪ ،‬فتتشكل – من ثم ‪ -‬الغايات الأسمى لمبدأ المواطنة ‪ ،‬وهو رأس‬    ‫وبأفـراد المجتمع الآخرين المتفاعلين على تلك الأرض‪ ،‬وهذا الارتباط‬

                                       ‫الأمر وذروة سنامه في مصرنا الغالية‪.‬‬

‫أبريل ‪2024‬‬

‫‪9‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14