Page 112 - كتاب العربي الاول المتوسط الجزء الاول
P. 112

‫ال َّرسو ِل الأعظِم ( َصلَى اللهُ‬      ‫لَق ْد ج َّسد ْت حياُة‬          ‫َم ْن َح َر َم َك‪ ،‬وتعف َو ع ّم ْن َظلََم َك»‪.‬‬
‫ُص َو ِر الَتّعاي ِش بي َن الَنّا ِس‪،‬‬  ‫صو ًرا كثيرًة من‬                ‫َعلَيه َوآلِه َو َسَلّم) وسيرُته العطرُة‬

‫غي ِرهما‬      ‫وال ُمشركي َن‪ ،‬أو‬  ‫شك ٍل بي َن المسلمي َن‬                ‫أوض ِح‬       ‫إذ كا َن الَتّناح ُر ظاهراً على‬
‫اللهُ َعلَيه‬  ‫الأعظُم ( َصلَى‬    ‫التي َعَقَدها ال َّر ُسو ُل‬           ‫ال ُع ُهوِد‬  ‫من الِّديانا ِت؛ فجا َء ْت بع ُض‬

‫ال ُكُت ِب‬  ‫م َع المشركي َن‪ ،‬أم م َع أصحا ِب‬                           ‫سواء كا َن ذلك‬      ‫َوآلِه َو َسَلّم) لهذا الغر ِض‬
‫َوأُْنَثى‬   ‫أَُّي َها الَنّا ُس إَِنّا َخلَْقَنا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر‬  ‫قولُُه تعالى‪َ( :‬يا‬  ‫ال َّسماوي ِة‪ ،‬ومن هنا جا َء‬

‫َو َج َعْلَنا ُك ْم ُش ُعوًبا َوَقَباِئ َل لَِت َعا َرُفوا إِ َّن أَ ْك َر َم ُك ْم ِعْنَد اللهِ أَْتَقا ُك ْم إِ َّن اللهَ َعلِيٌم َخِبي ٌر)‬
‫(ال ُحجرات‪ .)13/‬وقد ع َّز َز ال َّر ُسو ُل الأعظُم هذا المفهوَم‪ ،‬حي َن قا َل‪( :‬لا فض َل‬

‫لعرب ٍّي على أعجم ٍّي‪ ،‬ولا أعجم ٍّي على عرب ٍّي‪ ،‬ولا أحم َر على أسوَد ولا أسوَد‬

                                                  ‫على أحم َر إلاّ بالَتّقوى)‪.‬‬

‫ويشتم ُل الُقرآ ُن الكريُم على شواهَد كثيرٍة ُتؤ ِّكُد أ َّن الإسلاَم هو دي ُن التآخي‬
‫والتعاي ِش بي َن ال ُّش ُعو ِب‪ ،‬ولا عج َب في ذلك إذا ما َع َرْفنا أَنُّه دي ُن الإنسانيةِعام ًة‪،‬‬
‫و ُه َو الِفطرُة التي َف َط َر اللهُ الَنّا َس عليها‪ ،‬قال تعالى‪ِ( :‬ف ْط َرَة اللهِ اَلِّتي َف َط َر الَنّا َس‬
‫َعلَْي َها لاَ َتْبِدي َل لِ َخْل ِق اللهِ َذلِ َك الِّدي ُن اْلَقِيُّم َولَِك َّن أَ ْكَث َر الَنّا ِس لاَ َي ْعلَُمو َن) (الروم‪)30:‬‬
‫وهذه الفطرُة التي يُولَُد عليها بنو آدَم هي التي َق َصَدها ال َّر ُسو ُل الأعظُم (صَلّى‬
‫اللهُ علي ِه وآلِِه وسَلَّم) في قوله‪( :‬ك ُّل مولوٍد يُولَُد على الِف ْط َرِة‪ ،‬فأبواه يهودانه أو‬

                                                    ‫ينصرانه أو ُيم ّجسانه)‪.‬‬
‫َوَيْبُدو أ َّن ِدْيَننا ال َحِنْي َف َكا َن َي ِعي ُخ ُط ْو َرَة َم ْن َي ْخ ُر ُج َع ْن َهِذِه الِف ْط َرِة‪ ،‬أ ْو‬
‫َي ْخَت ُّط لَُه َط ِرْيقاً ُم َجاِنًبا لِلصوا ِب؛ َولا ِسَيّ َما َب ْعَد أ ْن أُ ِّسس ِت المد ُن و َكثُر ْت َقَن َوا ُت‬
‫الَتّ َوا ُص ِل‪َ ،‬و َصا َر ال َعالَُم أَ ْشَب َه ِبالقري ِة‪َ ،‬صا َر ِم َن ال ُمِفْيِد الَتّْنِبْي ُه َعلَى َذلِك ال َمْبدأِ‬
‫اَلِّذي يُع ِّم ُق الأ َوا ِص َر الا ْجِت َما ِعَيّ َة‪َ ،‬ويُقِلّ ُل ِم ْن َف َر ِضَيّ ِة ِقَياِم ِص َرا َعا ٍت ُم ْجَت َم ِعي ٍة لا‬

                                                                 ‫َحَّد لََها ‪.‬‬

                                                                                                                                               ‫‪98‬‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117