Page 39 - العدد 187 من مجلة شاعر المليون
P. 39
تسهيلات لمن يحتاجها، تماماً مثلما حدث عندما وضعت الطائرات في خدمة المواصلات التقليدية، فتعايشت مع السيارة والقطار والسفينة، وهـذا التعايش الحتمي سيحدث على مستوى الإلكتروني والورقي، فهما خياران جاءا ليتعايشا معاً، ولا يمكننا الاستغناء عن أحدهما، فعلى الرغم من الكلفة المادية المرتفعة باستمرار للمنتج المطبوع، فإن معظم الشعراء مدركون لقيمة الإصدار الورقي أكثر من الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي«، لافتاً إلى أن النص الذي لا ينشر في كتاب ورقي عادة مايتعرضللسرقاتالفكريةوالانتحالاتالمقّنَعة،فلهذاتجدعدداًمنالشعراءلايملكونكلفةطباعة دواوينهم، إلا أنهم يحتفظون بها على شكل مخطوطات، حتى تحين لهم فرصة إظهارها للنور بحلة ورقية
دون نشرها عبر عالم »التواصل الاجتماعي«. وقال: »من إيجابيات النشر الإلكتروني أنه يوصل القصيدة لآلاف المتابعين في وقت واحد، كما أنه
يفتح للشاعر قنوات تواصل مع جمهوره، أما الديوان الورقي فيصل لفئة محددة فقط، لذا أرى ضرورة الجمع بين هاتين الوسيلتين للنشر«.
هاجس الشعراء
من ناحيتها، أشارت الشاعرة السورية مرام دريد النسر، صاحبة المجموعة الشعرية »يا تاركاًً للريح قلبي« الصادرة من أكاديمية الشعر بأبوظبي، إلى الأسباب التي تدفع الشاعر لاختيار النشر الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهـي ارتفاع الكلفة المادية للنشر الورقي وطباعة الكتب، لا سيما بالنسبة للشعراء الناشئين في بداية تجاربهم الأدبية، إلى جانب قلة اهتمام الأشخاص والقراء باقتناء الدواوين الورقية، كونهم وجدوا البديل عنها في الإلكتروني ّّالمنشور عبر حسابات التواصل الاجتماعي التي أضحت حاضرة في كل بيت حول العالم، مشيرة إلى أن: »القارئ لا يستطيع إنكار المتعة الحقيقية التي ترافق اقتناءه لكتاب وتصفحه بهدوء مع نسمات الصباح الباكرة أو في الثلث الأخير من الليل، لا سيما إن رافقه فنجان قهوة أو كأس من الشاي، هذه اللذة الفريدة قلما تجدها حين تقرأ المادة إلكترونياً، لذا فإني أرى أن النشر الورقي ما يزال هاجساً عند كل الشعراء«.
وتكمل الشاعرة دريد: »لا يشعر الكاتب أو الشاعر بالسعادة إلا حينما يحضن أبناءه ويطمئن على حالهم، والكتب هي بنات الفكر، وعليه فإنه يكون أكثر إشعاعاً وفرحاً حين يلمس إصداراً مطبوعاً يحتوي على خلاصة إنتاجه الفكري والأدبـي«، مضيفة: »نحن لا ننكر فضل التكنولوجيا في تقريب البعيد وتسهيل العسير لكن ورغم كل شيء لا أجد السعادة المطلقة بصفتي كاتبة وشاعرة إلا إذا قرأت الكتاب ورقياً ووضعت ملاحظاتي عليه جانباً، لأشعر حين أغلقه بأني انتهيت من عمل شاق، وصار بإمكاني الاطمئنان على أن جميع معلوماته ترسخت في ذاكرتي، وأن بإمكاني استحضارها في الذاكرة وقتما شئت، وبالرجوع للملاحظات المدونة على الإصدار المطبوع فالقراءة الورقية تشحذ من همة القارئ وتجعله مستنفراً على الدوام لإكمال ما يقرأ بخلاف القراءة عبر عالم التواصل الاجتماعي، وعلى كل حال فإن القراءة مفيدة بكل أشكالها وصورها، وللقارئ حرية اختيار الوسيلة التي يطلع من خلالها على أفكار الشاعر، ويبقى النشر الورقي والديوان المطبوع، أفضل هدية يقدمها الشاعر أو الكاتب لنفسه وأجمل أمنية يحلم بأن تتحقق«.
مرام النسر:
الديوان الورقي أفضل هدية يقدمها الشاعر لنفسه
37
العدد 187 أغسطس 2022 شاعر المليون