Page 55 - العدد 187 من مجلة شاعر المليون
P. 55

إلــىعالمالمقّدساتوالـحـّبالصوفي داخل موسيقى القصيدة.
القصيدة والحب المعبد
فيعالمالقصيدةلاتفصلالشاعرة بين ذاتها والكلمات، فالوطن الحقيقي والكيانالفّذتصنعهاللغةوتبنيهالقصيدة
عذاباً وعذوبة:
ُمتداخلان أنا وحزني.. والقصيدُةموجٌة تقفوالّشراْع
ومـــنالـطـبـيـعـّيأنتـنـعـزلالـشـاعـرة الأنثى داخـل القصيدة، الفضاء الوحيد الذييحتضنالحّببمايوّفرهمنحرّية ويحتضن الجمال بما ينطوي عليه من موسيقى.ههناتتحّولالمرأةالشاعرةإلى موسيقى طبيعية تخلّصها من لعنة الجسد
في المجتمع الذكور ّي:
فـــــلـــــعـــــّلفـــــــي ُكــــــــُتــــــــِبالــــــحــــــيــــــاِةقــــصــــيــــَدة ُقــــــر َئــــــ ْت حـــــــــرو ُف الـــعـــشـــق فـــــي مـــحـــرا ِبـــهـــا هــكــذايـتـطـهـرالـــحـــّببـالـقـصـيـدةإذ يدخلعالمالفّنالمقّدس،فإذاالقصيدة ببحورهاوناياتهاوكمنجاتهاجوازالحّب إلىالحياةالراقية،يبّثداخلالشعرفنوناً متنوعة ترحل من الموسيقى إلى الرسم
بالكلمات والنحت بماء المشاعر وطينها.
وهذا القصي ُد الكئي ُب ير ّم ُم حزن اللغا ِت يهندُسقضبان دميتِهالمشتهاِة ولم يخطئ الهندس ْه..
وبقدر ما يرمّم القصيد بالجمال حزن اللغاتعلىمأساةالشاعرةالأنثى،يساهم فـيسجنالـحـّببينقضباناللغةفي صورةالدميةالنمطيةوقدفارقتهاالحياة وتحّولتإلىلعبةفييدالمجتمع،يزّين بهالوحاتهالشعرّيةتماماًكمايوشي حيطانقصورهالباردةالفارهةباللوحات الـزيـتـّيـةالـتـيلاتحملمــنالــمــرأةإلا جسدهاالعاري.ومعذلكتصّرالشاعرة علىجعلالفّنحامللواءالمعاناةحينما تعنونديوانهابــ»جـرحالكمنجات«التي
تموسق »خطو المسافات« بين العاشقين.
سنية الم ّدوري
مأساة الجرح الأنثوي
لا ترى الشاعرة الجرح غريباً عن منطق الحّبنفسه،إذلماكانالحّبولادةجديدة وبعثاًمنغياهبالظلمةوالموتكانعليه
أن يحمل الجرح والفناء في عمقه:
نـــــــــــــــرُثالــــــمــــــشــــــانــــــقعــــــنــــــدكــــــــــــّلولادة وعــــــلــــــى شــــــفــــــاه الـــــــــجـــــــــر ِح كـــــــم نـــــتـــــغـــــاز ُل فالحّب-فيماترىالشاعرة-غزلعلى شفةالجرح،تنفذكلماتهمنصميمالقروح وتحملولادتهمأساةموتهاالحتمّي،ومن هذهالزاويةيصبحالحّبقـدراًمحكوماً
عليه بالفراق:
قـــــــولـــــــوا لـــــــه إ ّنـــــــــــي أمـــــــــــــو ُت مـــــــن الــــــ َجــــــوى كــــــــــ ْم ُيـــــســـــعـــــد الـــــــــــعـــــــــــ ّذا َل دمــــــــــــ ُع فـــــراقـــــي ههنا تستحضر الشاعرة سبب الفراق إذتتذّكرالعذالعينةممايفرضههذا الأنـاالأعلىالمتحّكمفيمصيرالعشق والعاشقين،فــإذاالحّبأكــواملاتنتهي من الجوى والأشــواق والحزن والاحتراق وإذاالشاعرة»تصارعالشوقالمرابطفي دمها«تعّدانتظارهامحنةوناراًفيذرى أحشائهاتحاولتضميدجرحالماء،تجّرب
اختصار مسافات علها تظفر بالوصال:
كــــــْمَعــــ َّذَبــــْتــــنــــيُدروٌبِعـــــْشـــــُتأقـــَطـــُعـــهـــا شـــــــْوًقـــــــًاإلــــــْيــــــَكبــــخــــطــــٍوُكـــــنـــــُتُأْخــــفــــيــــِه إّنهـذاالفراقوجـهمنوجـوهالموت الــذيتنوءالشاعرةبـه،وهـيلاتكتفي بمقاومته،بلتحاولكتمانمعاناتها.ومع ذلكتحاولأنتؤّسسللحّبصورةأخرى فيالقصائد،لتخرجهمنلعبةالمدّنس
»صماء«لاتسمعولاتنطق،وقدُعزلتعن محّبتهاتحاولأنتحققرغبةالعشقفلا تستطيع: حـــــــ ّتـــــــا َم تـــــفـــــ ِطـــــ ُم رغــــبــــتــــي هــــــــذي الـــــ  ُّدنـــــى والـــــــقـــــــلـــــــُبطـــــــفـــــــٌلعــــــــالــــــــٌقبـــــثـــــيـــــاِبـــــهـــــا!
على هذا النحو تفطم الحياة العاشقة عــنرغبتهافــيالـحـيـاةدونأنتــدرك طفولتُها الحكمة من هذا الفطام المبكر القاسي، إذ ليس إلـى إدراك ذلـك سبيل لهذاالطفلالساكنفيكيانها،لأّنالفطام شريعة الكبار وديدن المجتمع ولعبة الأنا الأعلىالـذييحّولالبشرإلىخطايالا تتطهر فـي منطق المجتمع إلا بالموت
وحده.
جــــئــــنــــاإلـــــــــىالــــــّدنــــــيــــــاكـــــمـــــثـــــِلخـــطـــيـــئـــٍة ذْرنــــــــــــــــيأمـــــــــــــْتحــــــــّبــــــــًالــــــكــــــْيــــــلانــــهــــَلــــَكــــا ومـعذلـكتـفـّرقالشاعرةبينالموت والهلاك فقط، لتخاتل هذا الأنـا الأعلى الظالمالمتحّكمفـيمصيرها،فتجعل الـمـوت مـنـفـذاً إلــى تحقيق الـرغـبـة في الحياة،وتجعلالتضحيةبالنفسقرباناً لـولادةجديدةفيالعشق،ولادةلافراق فيهاولافطامولاهلاك،بلحّبمتجّدد وبعثمستمّرتغالببـهرؤيــةالمجتمع التيتحّولالمرأةإلىشيءجامدوسلعة
رخيصة في شكل »دمية« لا حياة فيها:
أنا دمي ُة الوق ِت ..تحكمني ال ّرغبا ُت الغريباُتعّني يدا َي تن ّف ُذ ما يبتغيه الكما ُل الذكور ّي في وطن الممل َس ْه...
هـكـذا تـثـور الـشـاعـرة على مـا تسميه الكمالالـذكـورّيفيوطنالمملسة،في عالمالزيفوالرياءوالنفاق،الذييصنع فيهالكائنالـذكـوريكمالهممايتوّهمه نقيصة للأنثى التي يحاول أن يسقط عليها رغباتهالغريبةالمفعمةبالتعاليوالأنانية. وعلىالرغممنأّنالشاعرةترفضهذا الدنسالمفروضعليهاوتعلنالحّبماء طهوراًيغسلالذنوبجميعاًحّتى»لتتمّنى النساكأنتذنب«،فإّنالحّبقديتحّول بالضرورةإلىجرحغائروعذابمصبوغ
بالعذوبة متشح بالجمال.
53
العدد 187 أغسطس 2022 شاعر المليون





































































   53   54   55   56   57