Page 13 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 13
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
فـإن هـذا التغيـر لـم يصاحبـه نمـو نمـط ديموق ارطـي الأساسـ َّي لتلقـي الرعايـة التربويـة التـي تسـهم فـي تكويـن
تشـاركي بديـل ،كمـا أن الدولـة لـم تملـك مهـا ارت سـد شـخصيته الوطنيـة.
هـذا وقـد توصلـت الد ارسـات الواقعيـة إلـى نتائـج الفـ ارغ السياسـي والأمنـي ،فظهـرت حالـة مـن الفوضـى
ذات أهميـة كبـرى فـي عالمنـا العربـي تتعلـق بملامـح أو بالأحـرى تشـكلت ازدواجيـة أمنيـة بيـن سـلطة رسـمية
التغيـر فـي الأسـرة العربيـة ،بعضهـا ركـز علـى ظاهـرة (القانونيـ�ة) تابعـ�ة للدولـ�ة وبيـ�ن س�ـلطة تقليديـ�ة (العائلي�ـة)
العولمـة ،والبعـض الآخـر انطلـق مـن متغيـ ارت عصـر وبيـن السـلطتين تتفاقـم أزمـات وتنشـأ خلافـات قـد تجـد
المعلوماتيـة وتكنولوجيـا الاتصـالات ،وآخـرون اختصـوا الدولـ�ة أن حله�ا بالطـرق التقليدي�ة أكث�ر نف ًعـا ،والأمثلـة
بالتغيـر الـذي طـ أر علـى بعـض الشـ ارئح الاجتماعيـة علـى ذلـك عديـدة نجدهـا سـائدة فـي صعيـد مصـر تحـت
وآليـات التفـكك والاندمـاج ،ورغـم التبايـن فـي الـرؤي
فقـد اتفقـوا علـى أن متغيـ ار ِت العالـم المعاصـر ،والثـورة مسـمى (المجالـس الشـعبية لحـل المنازعـات).
3 -فـي ظـل التدفـق المعلوماتـي تعـددت مصـادر
الحصـول عليهـا وتنوعـت وسـائطها ،وُبذلـت الجهـود المعرفيـة وتكنولوجيـا الاتصـالات ،والعولمـة والنظـام
العلميـة مـن أجـل تثويـر وسـائل التواصـل الاجتماعـي ال أرسـمالي الجديـد ،وبـروز مجتمـع المخاطـر العالمـي؛
وتطويرهـا تكنولوجيـا ،وإخضاعهـا لتدعيـم ثقافـة كونيـة كلهـا متغيـ ارت مؤثـرة بقـوة فـي إحـداث تحـولات أو نقـول
بديلـة للثقافـات الخصوصيـة الحاميـة لهويـة الشـعوب صدمـات مفاجئـة وسـريعة ومتلاحقـة تواجـه النظـم
والأمـم ،وأصبحـت عمليـة التنشـئة ،التـي كانـت فـي والشـعوب ،فمـا هـو معلـن علـى أنـه نظـاٌم كونـي موحـد
الماضـي تقتصـر علـى الأسـرة فـي المقـام الأول – كجـزء لكنـه – علـى الصعيـد الواقعـي – هـو نظـام ممـزق ملـيء
مدعـم للـذات السياسـية الوطنيـة – توسـعت وأصبحـت بالن ازعـات والحـركات الانفصاليـة والتقسـيم العرقـي؛ إنـه
يعكـس محاولـة خفيـة لتأسـيس مـا ُيسـمى بقريـة كونيـة متعـددة الوسـائط والأقطـاب.
افت ارضيـة ُيعلـن عنهـا ويتـم توصيفهـا بعبـارة «جيـ ارن
فـي عالـم واحـد» ،لكنهـا تحتـوي علـى م اركـز أرسـمالية ولأهميـة الحصـول علـى المعلومـات ،طالـ َب البعـض
فاعلـة تـزداد ثـ ارًء وأطـ ارف تابعـة تـزداد فقـًار ،إنـه واقـع بإد اركهـا كحـق أصيـل مـن الحقـوق الأساسـية للإنسـان،
معانـد للعدالـة والمسـاواة؛ حيـث تتجـه فيـه القـوى الفاعلـة ولا شـك أن تعـدَد المصـادر المعلوماتيـة وزخـم المـادة
إلـى ترسـيخ مزيـد مـن السـيطرة علـى مقـد ارت الشـعوب، المتدفقـة والمتسـع مسـاحتها لـم يؤثـ ار فقـط علـى انهيـار
ويعـاد تشـكيل أنظمـة الـدول فـي اتجـاه شـعبي يتخـذ وظيفة التنشئة داخل الأسرة أو انحسارها ،بل كان تأثيرها
النفعيـة سـبيلاً للهيمنـة الخارجيـة ،فيؤسـس لثقافـة مغايـرة الأقـوى حيـن يتعـرض النـاس لوسـائط عـدة ومعلومـات
تُسـتخدم لصالـح القـوى ال أرسـمالية المتطلعـة لإحيـاء متدفقـة بـا ضوابـط ،تحمـل بداخلهـا تناقضـات وأفـكاًار
الحالـة الاسـتعمارية القديمـة بأسـلوب عصـري تكنولوجـي وقي ًمـا متضاربـة أحياًنـا أو غيـر موثـوق فيهـا ،إضافـة
إلـى نشـر تقاريـر لمنظمـات معاديـة بحيـل متجـددة ،أو
يمتـص فائـض قيمـة الـدول الأخـرى عـن ُبعـد. تتضمـن بـث ثقافـة موجهـة كأسـلوب مـن أسـاليب حـروب
وهكـذا تغيـرت أوضـاع النـاس – وإن كان بدرجـات الأجيـال لتدميـر الحالـة المعنويـة للـدول والشـعوب أو
لخلـق ن ازعـات طائفيـة أو حـروب مسـتترة بهـدف تقسـيم متباينـة وأسـاليب مختلفـة – منـذ تحـول العالـم إلـى
البـاد والسـيطرة عليهـا كأسـلوب اسـتعماري عـن بعـد أو نظـام عالمـي جديـد ،سـيطرت عليـة آليـات السـوق
بالوكالة ،لقد فقدت الأسرة تماسكها ووظائفها وعلاقاتها ال أرسـمالي ،مـن خـال تأسـيس مؤسسـات ماليـة دوليـة
بثقافـة المحيـط الاجتماعيـة التـي تنتمـي إليـه؛ ولهـذا فقـد وتطويـر تكنولوجـي.
الإنسـا ُن منـذ مولـده – وفـي م ارحـل حياتـه – المنبـ َع
13