Page 37 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 37

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                        ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫كتابـه‪“ :‬الصـ ارع مـن أجـل الاعتـ ارف”‪ ،‬والفيلسـوفة الك ارمـة ‪ dignity‬محلهـا‪ ،‬وتُسـتخدم بالمعنـى الكونـي‬
‫الأمريكيـة ناسـي فريـزر التـي تناولـت موضـوع “العدالـة ‪ universalist‬والمسـاواة ‪egalitarian‬؛ حيـث‬

‫الحديـث عـن “ك ارمـة البشـر المتأصلـة” أو عـن ك ارمـة‬             ‫والاعتـ ارف”‪ 1‬وغيرهـم‪..‬‬

‫المواطـن‪ ،‬إن الفرضيـة الأساسـية التـي يفترضـا تايلـور‬             ‫اشـتهر الفيلسـوف الكنـدي تشـارلز تايلـور (‪-1931‬‬
‫هي أن الجميع يشـاركون في الك ارمة‪ ،‬ويرى أن مفهوم‬                  ‫)‪ ،‬بدفاعـه عـن الحقـوق الثقافيـة للأقليـات‪ ،‬حيـن كتـب‬
                                                                  ‫عـن مفاهيـم‪ :‬العدالـة والمورثـات الثقافيـة الثابتـة التـي‬
‫الك ارمـة هـو المفهـوم الوحيـد المتوافـق مـع المجتمـع‬             ‫هـي قيـم أخلاقيـة‪ ،‬وعـن الأصالـة وسياسـة الاعتـ ارف‬
                                                                  ‫والتعدديـة الثقافيـة وحقـوق الأقليات‪...‬إلـخ؛ لكـن فلسـفته‬
‫الديمق ارطـي‪ ،‬وأنـه كان لا مفـر أن يحـل محـل مفهـوم‬               ‫تـدور فـي إطـار الفلسـفة الغربيـة‪ ،‬وكلامـه عـن التعـدد‬
                                                                  ‫والاختـاف ُيقصـد بـه “التعـدد والاختـاف فـي الأنظمـة‬
‫الشـرف القديـم‪ ،‬ولكنـه يؤكـد أي ًضـا أن أشـكال الاعتـ ارف‬         ‫الليب ارليـة الغربيـة”‪ ،‬وفـي كتابـه “سياسـة الاعتـ ارف”‪ 2‬يقـدم‬
‫المتسـاوي كانـت ضروريـة للثقافـة الديمق ارطيـة‪ ،‬وقـد‬              ‫تشـارلز تايلـور وجهـة نظـره فـي الثقافـة والحقـوق الثقافيـة؛‬
‫بشـرت الديمق ارطيـة فـي سياسـة الاعتـ ارف المتسـاوي‪،‬‬              ‫حيـث اشـتهر بدفاعـه عـن الحقـوق الثقافيـة للأقليـات‪،‬‬

‫والتـي اتخـذت أشـكالاً مختلفـة علـى مـر السـنين‪،‬‬
‫وعـادت الآن فـي شـكل مطالـب للحصـول علـى مركـز‬

                ‫المسـاواة بيـن الثقافـات والأجنـاس‪.3‬‬

‫لكـن أهميـة الاعتـ ارف ‪ recognition‬قـد تـم تعديلهـا‬               ‫وضـرورة إعـادة النظـر فـي الليب ارليـة لجعلهـا أكثـر انفتا ًحـا‬

‫علـى تلـك الحقـوق‪ ،‬فتنـاول مسـألة التعـّدد الثقافـي وحقـوق وتكثيفها من خلال فهم جديد للهوية الفردية ‪individual‬‬
‫‪ identity‬التـي ظهـرت فـي نهايـة القـرن الثامـن عشـر –‬
‫فـإ ّن عصـر التنويـر د ّشـن بدايـة ظهـور مفهـوم “الهوّيـة‬         ‫الأقلّيـات الثقافّيـة‪ ،‬بـد ًءا مـن مبـدأ “الاعتـ ارف”‪ ،‬أو مـا‬
‫الفردّيـة”‪ ،‬وهـو المفهـوم الـذي حكـم المجتمعـات الغربّيـة‬              ‫صـار ُيعـرف تحـت مسـ ّمى “سياسـة الاعتـ ارف”‪.‬‬
‫الحديثـة‪ ،‬ويتحـدث تايلـور عـن مفهـوم الهويـة الفرديـة‬
‫باعتبـاره المثـ َل الأعلـى لـ “الأصالـة” “‪”authenticity‬‬           ‫ولمـا كان تايلـور يتحـدث عـن العالـم الغربـي‪ ،‬فإنـه‬
‫التـي يـرى أن نقطـة انطلاقهـا فـي فكـرة‪ ،‬القـرن الثامـن‬
‫عشـر‪ ،‬وهـي أن البشـَر قـد وهبـوا شـعوًار أخلاقًّيـا وشـعوًار‬      ‫يـرى أن الاعتـ ار َف بحقـوق الأقلّيـات – لا سـّيما منهـا‬
‫بديهًّيـا بمـا هـو صـواب ومـا هـو خطـأ‪ ،‬كانـت النقطـة‬             ‫الحقـوق الثقافّيـة – مـا كانـت مطروحـة فـي المجتمعـات‬
‫الأصليـة فـي هـذا المبـدأ هـي أن معرفـة الصـواب والخطـأ‬           ‫القديمـة‪ ،‬فهـذه المجتمعـات إّنمـا بنيـت علـى مبـدأ‬
‫كانـت مسـألة حسـاب العواقـب‪ ،‬خاصـة تلـك المعنيـة‬                  ‫“ال ّشرف” و”النبل”‪ ،‬لا اعت ارف فيها إّل للشريف النبيل‪،‬‬
‫بالثـواب والعقـاب الإلهـي‪ ،‬كانـت الفكـرة هـي أن الفهـم‬            ‫فـي مقابـل فكـرة الشـرف هـذه‪ ،‬حلـت فكـرة حديثـة عـن‬

                                                                  ‫‪in Multiculturalism, ed, Amy Guttmann‬‬
                                                                  ‫‪(Princeton: Princeton University Press, 1994,‬‬
                                                                  ‫‪pp.25-73.‬‬

‫الصحيـح والخطـأ لـم يكـن عمليـة حسـابية جافـة‪ ،‬ولكنـه‬             ‫‪(1) Nancy Fraser, Justice Interrupts: Critical‬‬
‫كان ارسـ ًخا فـي مشـاعرنا‪ ،‬وتتطـور فكـرة الأصالـة مـن‬             ‫(‪Reflections on the “Post socialist” Condition‬‬
                                                                  ‫‪New York: Routledge, 1997),pp.11-31‬‬

‫خـال إ ازحـة اللهجـة الأخلاقيـة فـي هـذه الفكـرة؛ ليتـم‬           ‫”‪(2) Charles Taylor, “The Politics of Recognition‬‬
‫التركيـز علـى الصـوت الداخلـي‪ ،‬ليكـون مه ًمـا لأنـه‬               ‫‪in Multiculturalism, ed, Amy Guttmann‬‬
                                                                  ‫‪(Princeton: Princeton University Press, 1994,‬‬
‫‪( 3Ibid.,p. 27.‬‬                                                   ‫‪pp.25-73‬‬

                                                              ‫‪37‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42