Page 49 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 49

‫المواطـن الرقمـي والـذات المواطنيـة‬

‫فهـم الأنمـاط وبنـاء التصـورات‬

‫د‪ .‬وليد رشاد زكي ‪ .‬المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‬

‫علـى مشـاركات سياسـية أو مكاسـب اقتصاديـة‪ .‬ولـه‬                                                       ‫مقدمة‬
‫تعريـف قاموسـي‪ ,‬إذ تـم تعريفـه فـي المعجـم علـى أنـه‬
‫«الشـخص الـذي يطـور المهـا ارت والمعرفـة‪ ,‬ويسـتخدم‬            ‫تشـَّكلت المواطنـة الرقميـة علـى سـاحة الإنترنـت‪ ،‬وإذا‬
‫الإنترنـت والتكنولوجيـا الرقميـة الأخـرى بفاعليـة‪,‬‬            ‫كانـت المواطنـة فـي معناهـا الواقعـي تشـير إلـى جملـة‬
‫وذلـك مـن أجـل المشـاركة بمسـئولية فـي الأنشـطة‬               ‫الحقـوق والواجبـات ويشـترك فيهـا المواطـن والوطـن‬
‫الاجتماعيـة والمدنيـة(‪ .)1‬وقـد عـرف المواطـن الرقمـي‬          ‫علـى حـد سـواء‪ ،‬فقـد أفـرز الإنترنـت مواطنـة جديـدة‬
‫لينديسـي جـري ‪ )2008 ( Lindesy Gree‬فـي‬                        ‫تعـددت مسـمياتها مـا بيـن مواطنـة رقيمـة أو افت ارضيـة‬
‫مقالـه «تسـاؤلات فـي المواطنـة الرقميـة»‪ ،‬بـأن المواطـن‬       ‫أو سـيب ارنية‪ ،‬وعلـى الرغـم مـن تعـدد هـذه المسـميات فـإن‬
‫الرقمـي مصطلـح يطلـق علـى مسـتخدمي الإنترنـت‬                  ‫هنـاك خطو ًطـا فاصلـة فـي المفاهيـم يصعـب الحديـث‬
‫بشـكل متكـرر‪ ,‬ولديـه كفـاءة تكنولوجيـة»‪ ،‬كمـا أشـار‬           ‫عنهـا فـي هـذا السـياق‪ ،‬إلا أن المواطنـة الرقميـة تنصـب‬
‫إلـى أن عـدم المسـاواة يزيـد مـن الفجـوة الرقميـة(‪.)2‬‬         ‫فـي مجملهـا علـى الاسـتخدام الآمـن للإنترنـت‪ ،‬وسـبل‬
‫وهنـا نـدرك أن الممارسـين للمواطنـة الافت ارضيـة يمكـن‬        ‫الحمايـة فـي العالـم الرقمـي‪ ،‬وتتحـرك علـى أبعـاد متعـددة‬
‫تسـميتهم بالمواطنيـن الافت ارضييـن أو الرقمييـن‪ ،‬إذ إن‬
‫هـذا النمـط مـن المواطنـة لا يمارسـه أي فـرد‪ ،‬إذ يقتصـر‬          ‫أبرزهـا الثقافـة الرقميـة والصحـة والسـامة الرقميـة‪.‬‬
‫علـى مسـتخدمي الإنترنـت‪ ،‬وأي ًضـا ليـس كل مسـتخدمي‬
‫الإنترنـت‪ ،‬ولكـن مسـتخدمي الإنترنـت بشـكل متكـرر‪.‬‬             ‫قـادت المواطنـة الرقميـة إلـى مجموعـة مـن المفاهيـم‬
                                                              ‫المرتبطـة بهـا‪ ،‬وأبرزهـا المواطنـة الرقميـة‪ ،‬فعندمـا يبـدأ‬
‫وجديـر بالاعتبـار أن المواطـن الرقمـي لا يمكـن تصنيفـه‬        ‫الفـرد فـي الاتصـال بالإنترنـت ويدخـل فـي هـذا العالـم‬
‫فـي وحـدة واحـدة‪ ،‬إذ إن ثمـة تصنيفـات عديـدة يمكـن‬            ‫يتحـول إلـى مواطـن رقمـي‪ ،‬وربمـا يختلـف سـلوكه‬
‫مـن خلالهـا النظـر إلـى المواطـن الرقمـي أو المواطنـة‬         ‫وعاداتـه عـن الواقـع الـذي يعيـش فيـه‪ ،‬فتتعـدد أنمـاط‬
‫الرقميـة‪ ،‬ويعتمـد التصنيـف هنـا علـى مـا قدمـه أحمـد‬          ‫المواطنيـن فـي العالـم الرقمـي‪ ،‬وتحـاول الوجهـة ال ارهنـة‬
‫ازيـد عـن تومـاس جانوسـكي‪ ,‬حيـث صنـف المواطـن‬
‫إلـى سـتة تصنيفـات يمكـن سـحبها علـى المواطـن‬                                         ‫التأكيـد علـى هـذه الأنمـاط‪.‬‬

                                     ‫الرقمـي(‪: )3‬‬                                   ‫أوًل‪ :‬من المواطن الرقمي؟‬

‫أ‪ :‬المواطـن التضامنـي ‪ :Incorporated citizen‬هـو‬               ‫لا يمكـن الحديـث عـن المواطنـة بمعـزل عـن المواطـن‪،‬‬
‫ذلـك المواطـن الـذي يـرى نفسـه ًاجـزًءا مـن النخبـة‪ ,‬أو‬       ‫يسـتدعي ذلـك الاقتـ ارن‪ ,‬الذهـاب إلـى تعريـف المواطـن‬
‫علـى الأقـل يـ اروده هـذا الشـعور‪ ,‬ويميـل إلـى التبـادل‪،‬‬      ‫الرقمـي‪ ،‬والـذي يعـرف علـى أنـه المواطـن الـذي يسـتخدم‬
                                                              ‫الإنترنـت بانتظـام وبشـكل دوري‪ ،‬كمـا تـم تعريفـه‬
                                                              ‫علـى أنـه المواطـن الـذي يسـتخدم الإنترنـت للحصـول‬

                                                          ‫‪49‬‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54