Page 85 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 85
إن الدماء صارت حناء في أيدي الجنود ..تماما كما تفعل العروس ليلة وهكذا يظل الشاعر يسائل الجندي عن إحساسه ،وهو يعبر القناة
الزفاف وتسعد حين تخضب يديها بالحناء ..ثم تزف في هودج جميل مقبلا رمل سيناء ..وكيف تحول في داخل الجندي عشقه إلى وطنه
حفت به الفرسان ..لتعود سيناء من جديد. الحبيب.
ونقرأ لمحمد الفيتوري ،وهو يتذكر أيام النكسة المريرة ،لكنه يثق ويكتب أحمد عبد المعطي حجازي قصائد للوطن يصور فيها كيف
في اليقظة والعزيمة والنصر: فوجئ بمعركة العبور بعد سنوات اليأس والانتظار.
زمٌن مَّر ثقيلا ..يا بلادي ثم يجسد فرحته بالَعَلم الذي رفعه الجندي ليؤكد به النصر ورفض
كنُت أعرف
الهزيمة:
أنه عصر الخيانات التي تنبت كل راياتنا قطع من قماش
تحت الجلد والعظم..
وأعرف.. وأنت العلم
مصر أنجبت الناس زوْج ين زوجين
أنه عصر النبوءات الشهيدة
يولد الثائر من مستنقع القهر والحب أنجب أبناءهم
كما تولد في الغيم الأعاصير.. واصطفى المجد أجملهم
كما تولد في مستنقع الموت واهًبا لك أرواحهم يا علم
المخاضات الجديدة.. قل لنا يا علم..
ثم يقول: افتدوني..
إنني الآن أقاتل نجبك :نعم..
وأغني ..وأقاتل ونجبك :نعم..
وأغني ..وأقاتل.. ونجبك :نعم!
لم ييأس الشاعر ..لأنه يدرك أن عصر النبوءات الشهيدة يولد من هكذا يصور الشاعر هذه الصورة البديعة ..فكل أعلامنا من قماش
الغيم والأعاصير ..وأن المخاض قادم لا محالة ..ثم حينما بدأ القتال.. لكن العلم الذي رفعه الجندي لم يكن من قماش ..وإنما من دم
صار يغني ويقاتل.
ويكتب فاروق شوشة عن اليوم السابع ..حيث يؤكد كيف تغير وجه الشهداء.
الوطن تماما بعد الأيام الستة (النكسة) وكيف توقف الزمن ليجيء ويبدو أن رفع العلم على ضفة القناة الشرقية قد هَّز مشاعر
السادس من أكتوبر ،ويكون هو اليوم السابع ..يقول: الشعراء ..فلم يكن علم فوق رمل ..وإنما كان فتًحا ونصرا واستعادة
اليوم السابع جاء
سقطت أحلام المخمورين المزهوين لحق ضائع.
قذفت ببقايا الوهم الجاثم في سيناء يقول فتحي سعيد:
الوهم ابتلعته الصحراء
أنبتت الأرض الطيبة المخضوبة أقِّبُل العلم
وردا يسقيه دم الأبطال والكَّف رفرفرت به على الربى الجرداء
أقبل الأنامل الخضراء
تلك التي على مدارج الصحراء
تسابقت وأورقت دما
وأورقت ِح ّناء
تخضب الكفين كالعروس ليلة الزفاف
زفت ليوم الثأر ..مهُر ها الدماء
في هودج حَّفت به الفرسان في سيناء
81

