Page 91 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 91
كانت المرأة المصرية شريًكا مهما في تحقيق نصر أكتوبر العظيم، وكان هناك عزم شديد على استحضار الله في القلوب؛ ليكون عونا
من خلال حث أفراد أسرتها من أبناء وزوج وأشقاء على التضحية للجنود خلال الحرب ،والُتَّف حول شعار الله أكبر الذي كان يزلزل
بأرواحهم فداء للوطن ،كانت تعد ولدها لهذا اليوم الذي سيأتي عليه جنود العدو ،ويصيبهم بالرعب قبل الانخراط في عمليات قتالية
ليقوم بواجبه ،علاوة على دورها العظيم في التبرع بالدم والتطوع ضدهم .فمثلا كلمة العبور كانت كما يعرف الجميع ،الله أكبر ،فكان
يرددها الجنود على الجبهة ،وُيقال إنها عندما ُتقال كانت تدب الرعب
لخدمة الجرحى والمصابين. في نفوس العدو .وكان المسلم والقبطي على حد سواء يرددان كلمة
لا يمكن أن ننسى دور نساء فدائيات كان لهن أثر إيجابي خلال الله أكبر ،وهما نسيج هذا الوطن ،ونزعتهما للدين واحدة .ولنا أن
الحرب ،منهن الحكيمة إصلاح محمد علي التي كانت من أشهر نتخيل المنظر المهيب في لحظة العبور والملايين يرددون هذه الكلمة
الممرضات اللاتي عملن بالتمريض خلال حرب أكتوبر بمستشفى بلا انقطاع ،ونحن هنا بالتأكيد لا نتحدث عن الذين خاضوا الحرب
السويس ،والتي كانت تعمل بداخل طاقم المستشفى بشكل متواصل على الجبهة فقط ،وإنما نتحدث أيضا عن الشعب الذي كان جالسا
خلال الـ 24ساعة في علاج الجرحى والمصابين ،أما آمال فكانت يتابع الأخبار ،وهذا كله له دلالته على أن الدين يشكل جزءا كبيرا
طالبة بالتمريض ولا يتراوح عمرها الـ 17سنة ،وقررت منع ومهما من حياة الشعب المصري ،الذي ُيعد من أكثر الشعوب إيمانا
إجازاتها لمدة 3شهور ،وأسهمت في علاج الجرحى والمصابين في بالله ،وهو إيمان عميق الجذور منذ الفراعنة ،ومنذ خلق الله مصر
مستشفى بالشرقية. وشعبها.
ختاًما إن انتصار مصر في حرب أكتوبر لم يكن انتصارا عسكريا أو المرأة المصرية كان لها دور كبير في انتصارات أكتوبر ،فعلى
سياسيا فقط؛ بل كان انتصارا للإرادة في مواجهة الانكسار؛ والقوة الرغم من أنها لم تكن على خط النار بشكل مباشر ،فقد كانت هي اليد
في مواجهة الضعف؛ والتحدي في مواجهة محاولات الخضوع من
قبل المتربصين .فعلى الرغم من استرداد الأرض من العدو الداعمة والمساعدة بقوة،
الصهيوني ،فإن مصر لا يزال يتربص بها الأعداء ،فمصر تخوض كما كان للمرأة المصرية دور بارز في التطوع وحملات التبرع
غمار حرب إعلامية ضخمة من خلال قنوات فضائية عدة تستقطب بالمال والدم ،والعمل في المستشفيات لرعاية جرحى الحرب من
من يؤمنون بالمال أكثر من إيمانهم بالوطن ،قنوات تستهدف زعزعة المرضى والمصابين ،بالإضافة للجان النسائية التي قررت تقدم
الثقة بين الشعب وقيادته ومؤسساته .لذا ،يجب علينا أن نواجه هذه التبرعات بالدم؛ فكان هناك أكثر من 60ألف سيدة شاركن وتبرعن
الحرب ،وهذا لن يتحقق إلا من خلال الإجماع القومي على الأهداف للمصابين ،وكل ذلك لمساعدة الجيش المصري في عملية التسليح
القومية العليا ،واستحضار حالة أكتوبر من تلاحم بين الشعب
والجيش وقيادته السياسية .هذه الحالة التي أظهرت أصالة المصريين وإعادة بناء الوطن.
وعراقتهم؛ حيث انصهر الكل في واحد ،والواحد كان يضحي من كما كان هناك دور آخر للمرأة لا يقل شأنا عن دور الرجال ،وهو
أجل الجميع ،فمصر كانت في عيون ،وفي وجدان ،وفي ضمائر كل دورها التوعوي ،والذي قامت به المرأة عبر دعم القضية المصرية
أبناء الشعب .فسلاما وتحية لكل الشعب المصري ،ولكل شهداء دولًيا؛ حيث جرى تشكيل لجنة تسمى "لجنة صديقات القلم" ،وهي
مصر الأبرار على مدى التاريخ وفي كل معاركنا ،وتحية إعزاز لجنة تختص بترجمة ما يتعلق بالقضية المصرية وإبراز عدالتها على
وتقدير لرجالات القوات المسلحة ،والمؤسسة العسكرية الوطنية، المستوى الدولي ،وإرسال هذه الترجمات إلى الاتحادات والمنظمات
الذين ضحوا ،ولا يزالون يضحون بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الذكية النسائية العالمية ،ردا على المفاهيم المغلوطة التي حاولت إسرائيل
فداء لمصر ،وحفاًظا على أمن أراضيها ،واستقرار شعبها وسلامته. بثها للعالم.
كانت خلف جيش مصر الباسل تبث الحماس من خلال الجمعيات
الأهلية التي تقودها نماذج نسائية مصرية تذهب إلى أهالي الجنود،
وتقدم لهم الإعانة ،وتحثهم على رفع الروح المعنوية لديهم ،كما كان
للفن دوره في حرب أكتوبر حيث عملت بعض الفنانات وقت
الحرب ،وساهمن كثيًر ا في رفع الروح المعنوية ،وبث الأمل
والتفاؤل في نفوسهم من خلال الزيارات الميدانية المتتالية.
87

