Page 11 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 11

‫وحدات الصاعقة المصرية ودورها في حرب‬
                                                                                     ‫السادس من أكتوبر ‪1973‬م‬

‫بقيادة اللواء نبيل شكري آنذاك‪ ،‬في تنفيذ عمليات ناجحة خلال‬                         ‫أ‪ /‬أيمن محمد عيد‬
‫حرب الاستنزاف‪ ،‬بلغت ‪ 42‬عملية داخل سيناء‪ ،‬شملت استطلاًعا‬
‫وكمائن وإغارات‪ ،‬كانت تهدف إلى إنهاك العدو الإسرائيلي وحرمانه‬       ‫في حياة الشعوب‪ ،‬توجد أيام خالدة تظل محفورة في ذاكرة الأمة‪،‬‬
                                                                   ‫ُتمّثل نقطة تحول في مسارها‪ ،‬ومرجًعا دائًما تستلهم منه العزيمة‬
                             ‫من الشعور بالأمان في عمق دفاعاته‪.‬‬     ‫والدروس‪ .‬ويأتي يوم السادس من أكتوبر عام ‪ 1973‬في مقدمة‬
‫ومع بداية السبعينيات‪ ،‬اتجهت القيادة العامة للقوات المسلحة إلى‬      ‫هذه الأيام في التاريخ المصري الحديث؛ حيث خاضت مصر فيه‬
‫بلورة خطة هجومية لتحرير سيناء‪ ،‬خاصة بعد فشل مبادرة روجرز‪.‬‬          ‫حرًبا بطولية لاسترداد كرامتها وأرضها‪ ،‬ونجحت القوات‬
‫ومع بداية عام ‪ ،1973‬تم تطوير الخطة لتأخذ الشكل النهائي‬             ‫المسلحة في تحقيق إنجاز عسكري غير مسبوق‪ ،‬حطم أسطورة‬
‫المعروف باسم "جرانيت‪ 2-‬المعدلة"‪ ،‬والتي حددت بشكل دقيق دور‬          ‫"الجيش الذي لا ُيقهر"‪ .‬وفي قلب هذا الانتصار‪ ،‬كانت هناك‬
‫وحدات الصاعقة داخل الخطة الإستراتيجية العامة‪ ،‬لم يكن دور‬           ‫أذرع قوية صنعت الفارق‪ ،‬ولعل من أبرزها وأخطرها وأدقها‬
‫الصاعقة هامشًيا أو تكميلًيا‪ ،‬بل كان جوهرًيا وأساسًيا لنجاح عمليات‬  ‫تنفيًذا كانت وحدات الصاعقة المصرية‪ ،‬التي أدت دوًر ا محورًيا‬
‫العبور وإنشاء رؤوس الكباري؛ إذ تم تكليف هذه الوحدات بمهام‬          ‫في الحرب‪ ،‬استناًدا إلى تخطيط إستراتيجي عميق‪ ،‬وتدريب‬
‫تشمل الإبرار الجوي والبحري داخل مضايق سيناء‪ ،‬بغرض عرقلة‬            ‫طويل المدى‪ ،‬وتجهيزات نوعية مكنتها من تنفيذ مهامها بكفاءة‬
‫احتياطيات العدو ومنعها من الوصول إلى الجبهة في الوقت الحرج‪،‬‬
‫إلى جانب تنفيذ عمليات هجومية خاطفة‪ ،‬وتأمين العمق المصري‬                                                                ‫استثنائية‪.‬‬
                                                                   ‫ُعرفت وحدات الصاعقة دائًما بأنها وحدات النخبة في القوات‬
                                           ‫وخطوط الدعم الخلفية‪.‬‬    ‫المسلحة‪ ،‬وتكمن مهمتها الأساسية في تنفيذ أعمال الإغارة خلف‬
‫بدأت الخطة تتبلور فعلًيا مع بداية العام؛ حيث تم تحديد نقاط‬         ‫خطوط العدو‪ ،‬ونصب الكمائن‪ ،‬وتدمير مراكز القيادة ومحطات‬
‫الإبرار الجوية بدقة‪ ،‬وتوزيع المهام بين الكتائب‪ ،‬وتخصيص توقيتات‬     ‫الرادار‪ ،‬وتنفيذ المهام الخاصة التي تتطلب سرعة التحرك وخفة‬
‫تنفيذ العمليات مثل "قبل آخر ضوء" في السادس من أكتوبر‪ ،‬مع‬           ‫التسليح والقدرة على المناورة‪ .‬قبل حرب ‪ ،1967‬كانت مصر‬
‫تحديد عدد المروحيات والقوارب المستخدمة لكل عملية‪ .‬فمثاًل ‪ُ ،‬كلفت‬   ‫تملك تسع كتائب صاعقة موزعة على ثلاث مجموعات قتالية‪،‬‬
‫كتيبة ‪ 143‬صاعقة بالإبرار في المدخل الشرقي لمضيق سدر وقلعة‬          ‫انتشرت في اليمن والأردن وسيناء‪ ،‬ولكن بعد نكسة يونيو‪،‬‬
‫الجندي‪ ،‬مستخدمة ‪ 18‬طائرة هليكوبتر من طراز مي‪ ،8-‬بهدف‬               ‫تعرضت هذه الوحدات مثل بقية القوات المسلحة لهزة قوية دفعت‬
‫تعطيل تقدم قوات العدو القادمة من العمق إلى خط المواجهة‪ .‬أما‬        ‫القيادة إلى إعادة هيكلتها وتنظيمها‪ .‬فتم ضمها إلى وحدات‬
‫كتيبة ‪ 183‬صاعقة‪ ،‬فقد تم إبرارها على محور الطاسة شرًقا‪،‬‬             ‫المظلات تحت قيادة اللواء سعد الدين الشاذلي‪ ،‬قبل أن ُتفصل مرة‬
‫وأخرى إلى الغرب من منطقة رمانة‪ ،‬لتنفيذ مهام مماثلة في إطار‬         ‫أخرى في عام ‪ 1970‬مع إعادة بناء القوات المسلحة عقب‬

                                      ‫خطة تعطيل تحركات العدو‪.‬‬                                                           ‫الهزيمة‪.‬‬
                                                                   ‫منذ عام ‪ 1967‬وحتى ‪ ،1970‬توسعت مصر في إعداد‬
  ‫‪7‬‬                                                                ‫وحدات الصاعقة‪ ،‬حتى بلغ عددها ‪ 24‬كتيبة تم تقسيمها إلى ‪6‬‬
                                                                   ‫مجموعات رئيسية‪ ،‬مع إضافة كتائب دعم مثل كتيبة صواريخ‬
                                                                   ‫مالوتكا المضادة للدبابات‪ ،‬وكتيبة صواريخ دفاع جوي‪ ،‬وسرية‬
                                                                   ‫قاذفات لهب؛ مما عزز من قدرة هذه الوحدات على تنفيذ مهام‬

                                                                                            ‫متنوعة ومعقدة‪ ،‬وبدأت هذه الوحدات‪،‬‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16