Page 32 - ajtimaeiaat alawil mutawasit
P. 32

‫الو�ضع ال�سيا�سي ونظام الحكم في بلاد الرافدين‪:‬‬

     ‫امتاز الوضع السياسي الذي ساد بلاد الرافدين في عصر فجر السلالات بوجود عدد من‬
     ‫دويلات المدن المستقلة عن بعضها‪ ،‬واستمر هذا الوضع حتى ظهور الدولة الأكدية التي‬
     ‫عملت على توحيد البلاد في دولة واحدة ‪،‬وأصبح نظام الدولة المركزية الواحدة هو السائد‬
     ‫في العهود السياسية اللاحقة في بلاد الرافدين‪ ،‬لاسيما العهد البابلي والآشوري والاكدي‬
     ‫من أجل توحيد أرض الرافدين‪ ،‬على الرغم من فترات التجزئة والغزو الأجنبي التي تخللت‬

                                                             ‫التاريخ الحضاري للبلاد‪.‬‬
     ‫أما عن نظام الحكم فقد اعتقد العراقيون القدماء إ ّن الملوكية نزلت من السماء‪ ،‬وهذا‬
     ‫الاعتقاد اعطى للملوك مركز ًا مقدس ًا تم توظيفه سياسي ًا‪ .‬وقد م َّر نظام الحكم فيها بمراحل‬
     ‫مختلفة‪ ،‬ففي عصر فجر السلالات كان الملك أو الأمير يعين عن طريق الانتخاب‪ ،‬كما كانت‬
     ‫شؤون كل مدينة تدار من ِقبل مجلسين أحدهما فيه كبار السن من سكان المدينة والآخر فيه‬
     ‫الرجال القادرين على حمل السلاح‪ ،‬وربما كان يضم بعض النساء‪ ،‬وفي حالات الطوارئ‬
     ‫كظروف الحرب والفيضان كان المجلسان يمنحان الرجل المنتخب جميع الصلاحيات‬
     ‫ليتمكن من إدارة المدينة‪ ،‬ويعد هذا النظام نظام ًا سياسي ًا يقوم على أسس ديمقراطية‪ ،‬وقد‬

              ‫أطلق على الأمراء لقب (لوكال) أي الملك وتعني بالسومرية (الرجل العظيم)‪.‬‬
     ‫أصبح نظام الحكم فيما بعد نظام ًا ملكي ًا وراثي ًا حتى عهود متأخرة من تاريخ بلاد الرافدين‬

       ‫وكانت الملكية تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر‪ ،‬كما ينتخب ولي العهد من ِقبل الملك‪.‬‬

                                    ‫الحياة الاقت�صادية في بلاد الرافدين‪:‬‬

              ‫	 اعتمد الاقتصاد في العراق القديم في مختلف عصوره على ثلاث ركائز هي‪:‬‬

    ‫‪ -1‬الزراعة ‪ :‬اعتمدت الحياة الاقتصادية في بلاد الرافدين على الزراعة والتي ازدهرت لتوافر‬

                ‫التربة الخصبة ووفرة المياه وال ُمناخ الملائم لنمو أنواع كثيرة من المزروعات‪.‬‬
     ‫عرف الإنسان العراقي الزراعة في حدود الألف التاسع قبل الميلاد‪ ،‬إذ انتقل من حياة‬

     ‫جمع القوت إلى إنتاج القوت معتمد ًا على مياه الأمطار‪ ،‬وكانت الزراعة محدودة ومقتصرة‬
     ‫على الاكتفاء الذاتي‪ ،‬واستخدم أدوات زراعية مصنوعة من الحجر والخشب والعظام‪ ،‬ثم‬
     ‫أصبح ينتج أكثر من حاجته الذاتية وظهرت بوادر التجارة من فائض إنتاجه‪ ،‬وقد زرع الإنسان‬
     ‫في العراق القديم الشعير والقمح والسمسم والذرة والعدس والحمص والأشجار المثمرة‬
     ‫كالتين والزيتون والكروم وال ُرمان والتفاح واللوز والبلوط‪ ،‬فضل ًا عن أشجار النخيل ذات‬
     ‫الشهرة الواسعة وقال عنها العراقيون القدماء إ ّن لها (‪ )360‬فائدة إشار ًة إلى فائدتها اليومية‬
‫‪31‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37