Page 26 - kitab aljitmaeiaat alawil mutawasit
P. 26
لقد استوطن (استقر) الإنسان في أرض الرافدين منذ العصور الحجرية ،وانتقل من حياة
الكهوف إلى القرى الزراعية في المنطقة المتموجة ثم مدن السهل الرسوبي مع تطور حضارته،
إذ قامت حضارات بلدنا العراق على توافر مياه نهري دجلة والفرات والتربة الخصبة والمناخ
المناسب لنمو محاصيل الزراعة الصيفية والشتوية ،وكانت أعمال الري دافع ًا للابداعات
الحضارية في مجالات الحياة كافة ،إذ تطلب الري معرف ًة بقياس مناسيب الأرض ومساحات
الأراضي المروية وخرائط لتثبيت الملكيات الزراعية التي اتسعت بعد شق قنوات الري
وقوانين لتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية ،التي تطورت مع تطور حاجات السكان
وتزايد أعدادهم ،ثم ظهرت التجارة بعد زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية الأمر
الذي تطلب وسائط نقل برية ونهرية ،لذا يعد الري والحضارة صنوان لا يفترقان.
صورة تظهر الزراعة عماد المدينة السومرية
حظي العراق باهتمام واسع منذ أقدم الأزمنة فاقتبست الكثير من الأمم والشعوب من
حضارته واستفادت من إبداعاته ،فكان مصدر اشعاع حضاري من خلال اهتمام أبنائه
بماضيهم الذي صنعوه وشيدوه بعرقهم وارواحهم واهتموا بتناقل اخبارهم وتاريخهم،
وعليه سنستعرض حضارة بلاد الرافدين على النحو الأتي:
25