Page 89 - kitab aljitmaeiaat alawil mutawasit
P. 89

‫الهند والحبشة التي كانت تدر لهم أرباحا طائلة‪ ،‬إذ استمر هذا الأمر إلى أواخر القرن الثاني‬
                              ‫ق‪.‬م إلى أن استطاع أحد الملاحين الرومان معرفة السر‪.‬‬

‫وقد كان لسبأ في هذه الفترة اسطولها التجاري الكبير الذي يزود المعابد المصرية بالبخور‬
‫والطيب من اليمن والتوابل من الهند‪ ،‬وكان من الطبيعي ان يتفوق السبأيون في الملاحة لأن‬
‫بلادهم كانت تضم سواحل يطل بعضها على بحر القلزم (البحر الأحمر) وبحر الهند‪.‬‬

    ‫كان نظام الحكم في سبأ نظام ًا ملكي ًا‪ ،‬ويقسم المؤرخون عصر الدولة السبئية إلى‪:‬‬

                                               ‫اول ًا‪ :‬مرحلة المكارب‬

‫وهي بداية تأسيس الدولة‪ ،‬إذ كان الحاكم يلقب بـ (مكرب) أي المقرب من الآلهة ويشرف‬
‫على توفير القرابين وتقديمها إلى المعابد‪ ،‬أو بين الناس أو الوسيط الذي يقرب بين الآلهة‬
‫والناس‪ ،‬وهو لقب ديني يعني الكاهن أو الحاكم الديني‪ ،‬وقد اتخذ المكارب (صرواح)‬
‫عاصمة لهم لأنها تقع في وا ٍد خصب شبه دائري تتوافر فيه مقومات قيام الزراعة‪ ،‬فضل ًا‬
‫عن إحاطتها بالمرتفعات التي كفلت لها الحماية الطبيعية‪ ،‬ثم انتقلو منها فيما بعد إلى‬
‫(مأرب) التي اختيرت لأنها تقع عند ملتقى طرق التجارة القديمة المتجهة من حضر موت‬
‫وموانئ بحر العرب والبحر الأحمر الجنوبية‪ ،‬إذ توفرت فيها موارد اقتصادية كبيرة‪ ،‬فضل ًا‬
‫عن موقعها الذي يوفر الحماية الطبيعية للمنطقة‪ ،‬كما أنه يشرف على وادي (أذنة الكبير)‬

                            ‫الذي عمل السبئيون على استغلاله بالزراعة بنطاق واسع‪.‬‬
‫وكان أبرز إنجاز قام به السبأيون في حقبة المكارب هو عنايتهم الفائقة بإقامة السدود‪،‬‬
‫إذ تم بناء سد مأرب الذي يعد أعظم سد شيد في شبه الجزيرة العربية ومن أعاجيب العالم‬

            ‫القديم‪ ،‬الذي تمت الإشارة إليه في القرآن الكريم في سورة سبأ لقوله تعالى‪:‬‬
                           ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

               ‫(*)‬

                                                                                     ‫(*) سورة سبأ ( اية ‪)19 - 15‬‬

                                                                                ‫‪88‬‬
   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94