Page 92 - m
P. 92

‫العـدد ‪57‬‬                          ‫‪90‬‬

                                                             ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫سامية العطعوط‬

‫(الأردن)‬

‫يوم آخر ونرجس والحب‬

     ‫لم يختف‪ .‬احتر ُت في ماذا أفعل‪ .‬أسرع ُت أكثر‪،‬‬                            ‫يو ٌم آ َخر‬
‫وبدأ ُت ألهث‪ .‬توارد ْت الخواط ُر إلى عقلي ولم أستط ْع‬
‫ر َّدها‪ .‬وثق ُت أنه يريدني‪ ،‬أحس ْس ُت أنه سيه ُج ُم عليَّ‪.‬‬     ‫عندما د َع ْتني أمي بصو ٍت خفي ٍض‪ ،‬والقلق با ٍد على‬
                                                               ‫وجهها‪ ،‬لزيار ِة صديقتي أسحار‪ ،‬لم أستجب‪ .‬وبع َد‬
   ‫شعر ُت بكراهي ٍة للرجال‪ .‬استع ْد ُت حقد َي القدي َم‬          ‫جدا ٍل قصير بيننا‪ ،‬بدأ ُت أقضم أظافري بأسناني‪.‬‬
  ‫عليهم‪ .‬اتجه ُت يمينًا‪ .‬اقترب ُت من منز ِل صديقتي‪.‬‬
                                                                 ‫وإذ عادت للحديث عن أخي سعدي‪« :‬سامح الله‬
    ‫تجاوز ُت ُه دون أن أنتبه‪ .‬التف ُت إلى الوراء‪ ،‬رأي ُت‬         ‫أخاك‪ .‬لم يكن يجرؤ في السابق‪ ،‬على أن يضربك‬
                     ‫الشاب لا يزال يسي ُر خلفي‪.‬‬
                                                                    ‫أكثر من بضع صفعات‪ ،‬لكنه تجرأ هذه المرة‪،‬‬
   ‫في تلك اللحظة‪ ،‬أيقن ُت أن سعدي هو الذي أ ْط َل َق ُه‬            ‫بالحزام!»‪ ،‬لم أحتم ْل سما َع المزيد‪ .‬نهض ُت عن‬
 ‫في إ ْثري‪ .‬شعر ُت ب ُدوار‪ ،‬ر َّبما كان ْت ضرب ُة شمس‪،‬‬
  ‫لكنني قاوم ُت السقو َط كي لا ينالني‪ ..‬ودخل ُت إلى‬                  ‫الكنب ِة‪ ،‬وأخبر ُتها أنني ذاهبة لزيارة أسحار‪.‬‬
                                                                     ‫غادر ُت بيتنا في الظهيرة‪ .‬كانت المدينة تبتل ُع‬
                                ‫إحدى البنايات‪.‬‬                    ‫الآ َه تلو الآه وتحترق‪ .‬ركب ُت الحافلة المتجهة إلى‬
‫انتظر ُت مرو َره بفار ِغ الصبر‪ .‬وبع َد لحظا ٍت‪ ،‬اقتر َب‬          ‫بيت صديقتي‪ ،‬ونزل ُت في أقرب موقف منه‪ .‬كان‬
                                                               ‫الشار ُع مقف ًرا‪ ،‬يخلو من المارة والشحاذين والباعة‬
  ‫مني وتجاو َزني‪ .‬أخرج ُت رأسي من با ِب العمارة‬                  ‫المتجولين‪ .‬لم أس ْر بهدوء‪ ،‬بل كن ُت أسمع صوت‬
‫وتابعت ُه بنظراتي‪ ،‬استغرب ُت أنه لم يتطلع إلى الورا ِء‬            ‫حذائي يضر ُب الأر َض بق َّوة‪ .‬وفجأة انتبه ُت إلى‬
                                                                  ‫و ْقع ِأقدا ٍم تخطو خلفي‪ .‬التف ُّت إلى الوراء‪ ،‬رأي ُت‬
 ‫ليبحث عني‪ .‬وقبل أن أخط َو نحو الخارج‪ ،‬تو َّقف‪.‬‬                 ‫شا ًّبا يقتر ُب مني‪ .‬أحس ْس ُت أنه يتبعني‪ .‬لم أعرف‬
   ‫خفق قلبي بشدة‪ ،‬وتلاحق ْت أنفاسي‪ .‬توقع ُت أن‬
                                                                                               ‫ماذا يريد مني‪.‬‬
      ‫يبحث عني ويعدو إل َّي‪ .‬وعندما قط َع الشار َع‪،‬‬             ‫عرج ُت إلى زقا ٍق فرع ٍّي لأختص َر الطريق وأضلِّله‪.‬‬
‫أيقن ُت أنه سيتَّج ُه نحوي‪ .‬أصا َبني رع ٌب قاتل‪ .‬ومن‬           ‫انحرف ُت إلى اليسا ِر وأسرع ُت‪ ،‬لك َّن صو َت خطوا ِته‬
 ‫خلا ِل نظراتي الزائغ ِة رأي ُت ُه يتَّج ُه إلى أحد المحلا ِت‬

   ‫التجارية المغلقة‪ .‬أخر َج ميدالي ًة من جي ِب بنطالِه‪،‬‬
   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97