Page 13 - m
P. 13
افتتاحية 1 1
وفصله عن غيره من المعاني التي تشترك ثابت حك ًما فقط ،وليس موجو ًدا في القرآن.
معه فيقول( :لا نع َل ُم أح ًدا جاء بعد الإمام وذكر السيوطي (المرجع السابق) أن الحكمة
الزهري تص َّدى لهذا الفن ول َّخصه ،وأمعن من الناسخ والمنسوخ ما يأتي“ :أحدهما :أن
فيه وخصصه ،حتى جاء أبو عبد الله محمد
القرآن كما يتلى ل ُيعرف الحكم منه والعمل
بن إدريس الشافعي ،فإنه خاض تياره به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت
وكشف أسراره واستنبط معينه ،واستخرج
التلاوة لهذه الحكمة .والثاني :أن النسخ
دفينه ،واستفتح بابه ،ورتب أبوابه”. غالبًا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكي ًرا
وعلى الرغم من أن الجهد المبذول طيب،
لإيجاد مخرج للتعارض (الظاهر) ،أو ما للنعمة ورفع المشقة”.
ُيظن أنه تعارض في الأحكام بين الآيات “الناسخ والمنسوخ” إذن –كما بينت -اجتهاد
والأحاديث ،فإنه يخلق مشكلات في بناء
القرآن وإغلاقه؛ أتصور أنها أكبر من الحلول بشري ،ثمة اتفاق على أن أول من جاء به
هو الإمام الشافعي ،يقول محمد عطية في
التي قدمها. مقال بعنوان «النسخ ..التطور التاريخي
فإذا رجعنا إلى تفسير ابن كثير لآية «وما للمصطلح» (منشور في موقع إسلام أون
ننس ُخ من آي ٍة أو ُن ْن ِسها» ،سنجد اختلا ًفا بين
المفسرين لاعتبار النسخ تبدي ًل أو مح ًوا، لاين)« :يعد الشافعي أول من ميَّز بين
لكن اللافت هو رأي (الضحاك) الذي قال: النسخ وبين هذه الأساليب ،فقد أطلق في
«(ما ننسخ من آية) ما ُن ْن ِسك .وقال عطاء: كتابه (الرسالة) على النسخ معان َي عدة
أما (ما ننسخ ) فما نترك من القرآن .وقال تميزه في الحقيقة عن غيره ،كلفظ التبديل
ابن أبي حاتم :يعنيُ :ت ِرك فلم ينزل على والإزالة والمحو ،وهذه المعاني لا توجد في
محمد صلى الله عليه وسلم” .وهذا معنًى التخصيص والتقييد ونحوهما من أساليب
مختل ٌف مهم ٌل من ال ُّش َّراح ،يقول إن النسخ
البيان”.
هو الترك ،أو عدم التنزيل من الأصل. واستشهد بقول الشيخ محمد أبو زهرة
أما كيف يمكن أن ( ُتنسى) الآيات ،فيقول في كتابه “الشافعي حياته وعصره”“ :إن
الطبراني (من المصدر السابق) :حدثنا أبو الشافعي في رسالته قد حرر معنى النسخ
شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، فيما ساق من أدلة وأمثلة ،فميزه عن تقييد
حدثنا أُ َب ُّي ،حدثنا العباس بن الفضل ،عن المطلق وتخصيص العام ،وجعلهما من نوع
سليمان بن أرقم ،عن الزهري، البيان” .كذلك «يقرر الإمام الحازمي سبق
عن سالم ،عن أبيه ،قال :قرأ الإمام الشافعي في تحديد معنى النسخ
رجلان سورة أقرأهما رسول
الله فكانا يقرءان بها ،فقاما ذات
ليلة يصليان ،فلم يقدرا منها
على حرف فأصبحا غاديين
على رسول الله فذكرا ذلك له،
فقال رسول الله“ :إنها مما
نسخ وأُ ْن ِس َي ،فاله ْوا عنها”.
وهذا يعني أن الله يرفع الآية
المنسوخة من صدور وعقول كل
من يحفظها! طيب ،لو صدقنا