Page 178 - merit 50
P. 178
الحميمية ،وعلاقات السياسة المجال المدني لا يكون ولا ينمو إلا
التسلطية ،وعلاقات السوق بالعمل التطوعي التضامني العضوي،
التنافسية الربحية ،هنا يمكن
بعكس علاقات المجتمع التقليدي،
لنا التعرف عن المجتمع المدني حيث يكون التضامن ميكانيك ًّيا بحسب
في الرحم الحي لتخصيبه،
ولكن هل يمكن للمجتمع عالم الاجتماع الفرنسي دوركهايم،
المدني أن يتخصب وينمو ولا يخلو أي مجتمع من وجود قيم
ويولد ويزدهر من ذاته التعاون والتضامن المدني الأهلي
بين أفراده ،وفي مجتمعنا العربي
ولذاته وبدون قوى وشروط الإسلامي حثنا ديننا الإسلامي الحنيف
فاعلة؟ على التعاون والتآزر والتراحم والتشاور
بالنظر إلى المسار التاريخ والتواصي بالصبر.
للمجتمع المدني المفهوم
الذات الإنسانية الفردية ،قوة ليس مجرد «مجموعة من
والسياق ،يمكن لنا الجواب الحب والعلاقات الحميمية، المنظمات المدنية التي ينضم
على هذا السؤال بالنفي ،ليس في المجال الخاص ،مجال
الأسرة ،مؤسسة القرابة الأعضاء إليها بإرادتهم
بمقدور المجتمع المدني أن التقليدية الأولى ،والقوة الحرة» ،أو التي تهدف إلى
يولد وينمو ويزدهر بدون تقديم خدمات بدون «غايات
وجود قوة تحميه أو تبيح العاقلة والعلاقات الضرورية ربحية أو سياسية)» ،فمثل
له فرصة الوجود الفاعل للحياة الاجتماعية المشتركة،
المجال العام ،مجال السياسة هذا الفهم يجعلنا نعتقد
والديمومة ،وهذا هو ما بأن لدينا مجتم ًعا مدنيًّا
يقوله لنا جون أهرنبرغ ،في والسلطة ،والقوة الغريزية طالما ونحن نمتلك مثل هذه
كتابه المهم ،المجتمع المدني: المتعطشة إلى الإشباع المادي، المنظمات المنتشرة في عموم
المجال الاقتصادي ،وعلاقات مجتمعاتنا العربية ،والتي
التاريخ النقدي للفكرة، تعد بالآلاف! بل نعتقد بأن
الذي تتبع صيرورة المفهوم السوق حيث المنافسة المجتمع المدني هو أكبر من
والربح والاحتكار ،وقوى هذا بكثير .وهذا ما يدفع إلى
منذ أفلاطون الذي رهن البحث في تحولات المفهوم
المجتمع المدني -بل والمجتمع الموهبة والاهتمام ،حيث وسياقات المعنى .أن الفكرة
الحميم :الأسرة -إلى المجال يجد الأفراد فرص التعبير الأساسية في مقاربة المجتمع
عن مقدراتهم وتطلعاتهم المدني هي تلك التي تنطلق
السياسي العام ،جمهورية من النظر إلى المجتمع ككل
العقل المهيمن ،أي الدولة ومواهبهم واهتماماتهم بوصفه عد ًدا من المجالات،
المؤسسة الجامعة ،وهي الحرة ،مجال العلاقات المهنية متناغمة مع قوى واحتياجات
الفكرة التي استندت عليها كل والحرفية الإبداعية وغير
النظم الشمولية المطلقة فيما الإبداعية ،المجال المدني،
بعد ،الاشتراكية الستالينية حيث تختفي علاقات القرابة
والنازية والفاشتية ،وعلى
خلاف أفلاطون جاءت
نظرية أرسطو إلى المجتمع
المدني وتطورت لاح ًقا
على أيدي عدد واسع من
الفلاسفة في العصر الحديث
ومنهم :ميكافيللي وجون