Page 82 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 82

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪80‬‬

                                                   ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫سمير المنزلاوى‬

‫تشابه‬

  ‫وصل إلى نهاية الشارع الملتف حول خصر البلدة‬          ‫الآن يؤدى فهمي مبيض المحارة‪ ،‬فقرته الفكاهية‬
                                       ‫كالحزام‪.‬‬    ‫السنوية‪ ،‬متقم ًصا دور رئيس المدينة في مولد النبي‪.‬‬

‫توقف ليلقى خطابه السنوي ومن ثم تنتهى الفقرة‪.‬‬            ‫يرتدى بذلة وربطة عنق‪ ،‬ويسير حوله شباب‬
                        ‫صعد فوق مقعد وصاح‪:‬‬                                ‫مدججون ببنادق خشبية‪.‬‬

    ‫‪ -‬فهمت مشاكلكم‪ ،‬وتألمت من أجلكم‪ .‬كل شيء‬                 ‫ثمة شخص يحمل كاميرا ويهرول أمامه‪.‬‬
                         ‫سيتغير إلى الأفضل‪ ،‬و‪..‬‬    ‫عيناه المليئتان بالبهجة ترمقان النسوة في الشرفات‪،‬‬

            ‫صوت غاضب كالنمر يزأر في الزحام‪:‬‬             ‫ثم تهبطان إلى الحشد المحيط به‪ .‬تتحرك يمناه‬
                             ‫‪ -‬أنت كاذب ولص‪.‬‬             ‫صعو ًدا وهبو ًطا‪ .‬ابتسامته تبرز فمه الواسع‬

‫اقترب الشاب حتى لامس كتفه‪ .‬قفزت كلماته حارة‬                       ‫وأسنانه الأمامية المصبوغة بالتبغ!‬
                                  ‫تشوى وجهه‪:‬‬                                  ‫نريد وظائف للأولاد‪.‬‬
                                                                              ‫يشير بطرف سبابته‪:‬‬
          ‫كفى نهبًا وفسا ًدا‪ ،‬رائحتك تزكم الأنوف‪.‬‬                                        ‫‪ -‬حاضر‪.‬‬

     ‫أراد أن يحول الموقف إلى مزحة‪ ،‬فابتسم وقال‬                        ‫المياه سيئة‪ ،‬ولا توجد مجارى‪.‬‬
                                         ‫هاد ًئا‪:‬‬                                   ‫يعاود الإشارة‪:‬‬
                                                                                         ‫‪ -‬حاضر‪.‬‬
‫‪ -‬نادوا على والده ليؤدبه‪ ،‬وإلا فإنني سأتولى ذلك‪.‬‬
       ‫الحراس لم يكن لهم دراية بمثل هذا الموقف‬                            ‫لا أحد يضحك‪ ،‬أو يسخر‪.‬‬
                                        ‫الطارئ‪.‬‬       ‫يتوقف أمام تل من القمامة‪ ،‬تمرح فيه القوارض‬

   ‫تجمدوا كأنهم في لوحة‪ .‬امتلأت وجوههم بغيوم‬                                              ‫والذباب‪:‬‬
  ‫بلهاء‪ .‬الحشد الملتف فقد ألسنته‪ .‬كذلك النسوة في‬                               ‫‪ -‬أين رئيس القرية؟‬
                                                           ‫يجذب أقرب الواقفين‪ ،‬يوبخه بنبرة عالية‪:‬‬
                                      ‫الشرفات‪.‬‬                  ‫‪ -‬أنت فاشل‪ ،‬اترك مكتبك من اليوم‪.‬‬
     ‫هجم الشاب على فهمي وأطبق يديه على رقبته‪،‬‬                               ‫تصفيق حاد يرج المكان‪:‬‬
‫حاول أن يقاوم‪ ،‬لكن النمر الرهيب ج َّره إلى الأرض‪.‬‬                       ‫‪ -‬عاش فهمي حبيب القرية‪.‬‬
     ‫وجم الجميع كأنهم موتى‪ ،‬لم تعد العيون ترى‬
     ‫سوى شبحين يتقاتلان‪ ،‬ويتمرغان في التراب‪.‬‬                                      ‫يل ِّوح بيده سعي ًدا‪.‬‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87