Page 16 - merit 38 feb 2022
P. 16
العـدد 38 14
فبراير ٢٠٢2
أما فاجنر فإنه يرى أن نشأة الأوزان جاءت إلى أن الإعراب كان كام ًل في زمن الرسول صلى الله
كالتالى :الأوزان الأقرب للرجز تطورت في البداية عليه وسلم ثم اختفى بتأثير الأعاجم بعد الفتوحات
مثل السريع والكامل ،ثم تطور بعد ذلك الطويل
والكامل والبسيط والوافر ،أي أن الأوزان العربية الإسلامية.
من وجهة نظره تطورت داخل العربية نفسها(،)16 يتعرض فاجنر للازدواجية اللغوية الموجودة قدي ًما
رغم طرح بعض المستشرقين آراء تتعلق بتأثرها
بالعروض اليوناني مثل تكاتش ،وبصفة خاصة في البيئة العربية في مقابل لغة الشعر القديم،
الرجز ،لكنه لم يستطع أن يدلل على ذلك وضرب ليخلص إلى أن هناك لغة للشعراء يمكن وصفها
أمثلة متأخرة زمنيًّا ،ومنهم أي ًضا من قصر التأثر بأنها “لغة فنية” ،علي ألا يفهم هذا المصطلح أنه لغة
على بحور معينة مثل المتقارب والخفيف والرمل ابتدعها شاعر أو عدة شعراء بصورة متعسفة ،ثم
بوصفهم تأثروا بالأوزان الفارسية ،وخاصة في يؤكد مرا ًرا على توحد لغة الشعراء في مقابل تعدد
اللهجات ،وهذه اللغة تعلو اللهجات ،وأنها مفهمومة
العصر الأموي ،رغم ورود شعر لامرئ القيس متجاوزة حدود اللهجات ،وأنها منحت الشعراء
تحمل بعضها!
أنفسهم مكانة مرموقة ،وكان الفهم العام لها
يتعرض فاجنر سري ًعا لفكرة علاقة الوزن وتوقيرها ناب ًعا من أن القرآن الكريم يوحي بهذه
بالغرض ،ويصدر حك ًما عا ًّما كعادته «أن هذا
المبحث ربما يصدق على الشعر العربي القديم اللغة أي ًضا.
الفقير في الأغراض» ،وهذا حكم سنرى أثره ممت ًّدا أتوقف قلي ًل عند ما أطلق عليه فاجنر “اللغة
في مباحث تالية ،وأن هذه الفكرة يمكننا تطبيقها الفنية” ،وفاجنر ألف كتابه متأخ ًرا كما أسلفت
على الرجز وربطه بأغراض محددة ،وربما ظهر القول ،وقد سبقه عدد كبير من المؤلفات التي
إيثار عمر بن أبي ربيعة للأوزان القصيرة في غزله تحدثت عن “اللغة الفصحي المشتركة” وكيفية
نشأتها والعوامل المؤثرة فيها وسماتها ،وأن
تمشيًا مع تلحينها للغناء(.)17 اللهجة القرشية كانت أقوى اللهجات تأثي ًرا في
وعن مناقشته لآراء بعض المستشرقين الذين يرون تكوين الفصحي المشتركة لظروف متعددة ،دينية
أن القافية تسبب رتابة ومل ًل وقلَّلت فرص الشعر وسياسية واقتصادية .فالظروف الدينية تتمثل في
كون مكة مكا ًنا مقد ًسا يفد إليه الناس للحج ،وأثناء
العربي أن يكون ملحميًّا ،فالأولى وجدت وج ًها ذلك تنشط حركة البيع والشراء ،فض ًل عن سفر
آخر أن السامع في حالة تلق وتشويق باستمرار، أهل مكة لليمن وغيرها من البلاد للتجارة ،وسيادة
والثانية أن ملاحم العرب كانت في شعرهم القديم،
الملعقات وغيرها ،ولا ينتقص منها مقارنتها بالملاحم قريش سياسيًّا على مكة(.)13
ومن صفات الفصحي المشتركة أنها فوق مستوى
اليونانية(.)18 العامة ولا تنتمي إلى بيئة محلية بعينها ،فهي مزيج
بين هذه اللهجات ،ولم تكن لغة قريش وحدها(.)14
-4 أي أن رأيه الذي خلص إليه ورد في مؤلفات سبقت
مؤلفه بعقود ،بينما اختار لها اس ًما جديدا “اللغة
في تدرج ملحوظ يتنقل فاجنر بين قضايا الشكل
والمضمون المتعلقة بالشعر القديم ،ويناقش تصنيف الفنية” ،وقد عرفت باللغة الفصحي المشتركة.
يعرض فاجنر لرأي عام في البحث الأوروبي يرى
بعض المستشرقين والباحثين العرب له ما بين أن التنوع الموجود في الأوزان الشعرية العربية قد
القطعة والقصيدة ،فالأولى تطلق على القصائد تطور عن فن الرجز ،الذي تطور في الأساس عن
القصيرة ،والثانية على القصائد الطويلة ،ويتفق السجع ،ويذكر أن هذا الرأي يتطابق مع آراء العرب
فاجنر مع أصحاب هذا التصنيف من حيث التسمية، القدامى ،لكنه يستدرك عليه أنه لا يوجد عليه أي
لكنه يختلف مع بعضهم في أن القطعة مرتبطة أدلة أو براهين تؤكد أن ما هو بسيط /الرجز يسبق
بالغرض الشعري الواحد والقصيدة مرتبطة بتعدد
ما هو معقد /البحور الشعرية على اختلافها(.)15