Page 206 - merit 38 feb 2022
P. 206
العـدد 38 204
فبراير ٢٠٢2 والحيرة التي انتابته ،بعد
نهاية الدراسة ،بين المضي
الفيلسوف الإنجليزي بريان من تخصص في كتابة في طريق الفلسفة أو طريق
ماجي Bryan Mageeمع أعمال بعيدة عن الفلسفة،
مواطنته الأديبة والفيلسوفة لكنه فعل ذلك ،على سبيل الأدب ،وحسمه للموقف
الاستثناء ،في بعض الأعمال باختيار الأدب ،الروائي
آيريس مردوخ Iris بخاصة ،للتعبير عن أفكاره
Murdochحول علاقة مثل يوسف السباعي
الفلسفة بالأدب .وقد بثه الذي اشتهر بالروايات الفلسفية والاجتماعية
التلفزيون البريطاني في الرومانسية ،لكنه كتب ثلاث والسياسية.
قناته الثقافية عام ،١٩٧٨ روايات فلسفية بامتياز،
هي :السقا مات ،أرض ويمكننا أن نضيف ،من وجهة
وهو متاح على موقع النفاق ،نائب عزرائيل. نظرنا وخلا ًفا لما هو شائع،
«اليوتيوب» ،وسنعتمد في والحقيقة أن علاقة الفلسفة كثي ًرا من أعمال إحسان عبد
مقالنا على الترجمة التي بالأدب تعتمد كثي ًرا على القدوس التي تتناول قضايا
قامت بها الكاتبة والناقدة علاقة التفكير بالخيال، ذات طابع فلسفي حتي
فالذين يعتمدون على المنطق العاطفية والاجتماعية منها،
الأردنية لطفية الدليمي وحدهم هم الذين يكتبون
تحت عنوان «نزهة فلسفية فلسفة خالصة مثل أرسطو وتختلف روايات عبد القدوس
وكانط وهيجل ،والذين عن أعمال الحكيم ومحفوظ
في غابة الأدب» وصدرت في أنها لا تطرح أسئلة
عن دار المدي عام .٢٠١٨ يعتمدون على الخيال فلسفية على الأصالة ،لكنها
وحده يكتبون أد ًبا خال ًصا، تحيل الوقائع الرومانسية
استقلال الفلسفة وبين الاثنين يوجد طريق والاجتماعية والسياسية
عن الأدب إلى أسئلة فلسفية .وغالبًا
ثالث يجمع بين الفلسفة ما يكون التساؤل داخل
ينطلق بريان ماجي ،في والأدب ،وينتهجه هؤلاء الكاتب بينما تأتي الرواية
حواره مع آيريس مردوخ، الذين يفكرون بالخيال بمثابة الإجابة عنه ،فرواية
من مقدمة أساسية ،في حكم أو يتخيلون بالتفكير ،أي
المسلّمة ،تميز بين الفلسفة الذين يجمعون بين العقل «الوسادة الخالية» تحاول أن
والأدب باعتبارهما حقلين والعاطفة ،ويعبّرون عن تجيب عن سؤال الحب الأول،
معرفيين مختلفين ،وتحدي ًدا الطابع الإنساني في كليته،
الذهنية والشعورية ،سواء هل هو حقيقة أم وهم؟
لا تنتمي الفلسفة إلى أكانوا من الفلاسفة أو ورواية «الطريق المسدود»
الأدب ،أي أنه بأي حال من تحاول أن تجيب عن حقيقة
الأدباء. الشر في الإنسان ،هل يولد
الأحوال لا تعتبر الفلسفة ولأن الجدل حول العلاقة الإنسان شري ًرا أم أن المجتمع
نو ًعا من الأدب ،فيقول: هو الذي يجعله كذلك؟ كما
بين الفلسفة والأدب لا تجيب رواية «في بيتنا رجل»
«إن نوعية الكتابة الفلسفية ينتهي ،بالرغم من مرور عن معني الوطنية ،وكيف
وأهميتها تكمن في اعتبارات أن الإنسان العادي الذي
السنوات ،فإن السؤال لا تشغله قضايا السياسة
أبعد من القيمتين الأدبية سيظل مطرو ًحا بصدد يمكنه أن يلعب دو ًرا وطنيًّا
والجمالية ،وإذا ما كان طبيعة هذه العلاقة .وفي
الفيلسوف -أي فيلسوف- هذا السياق ،سنحاول في مه ًّما إذا دعته الضرورة
يج ِّود في طريقة كتابته، هذا المقال أن نستدعي إلى ذلك .وهناك من الأدباء
لقاء حوار ًّيا مه ًّما أجراه
فتلك مزية تحسب له
بالتأكيد ،وستجعله على قدر
كبير من الغواية التي تدفع