Page 255 - merit 38 feb 2022
P. 255
253 ثقافات وفنون
حوار
الديانات القديمة ،ولا يجد لها حاوره : زمن النبي مائتي آية ،فلما كتب
إجابة ترضى المعتقد والعقل في عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا
الآن ذاته ،فهو أحد الباحثين في سمير درويش
المخطوطات القديمة ،ينتمي إلى على ما هو الآن» ،وهو ما أكده
معهد إنارة الألماني ،الذي يقدم امتد على طول خريطة الجزيرة حديث آخر رواه عبد الله بن
اجتهادات مهمة في هذا المبحث، العربية وشمال أفريقيا ،وراح
كما أن له برنام ًجا مه ًّما ُيب ُّث على ضحيته الآلاف ،ومنهم ال ُح َّفاظ الإمام أحمد في «زوائد المسند»،
موقع youtubeاسمه «التاريخ بحسب الروايات التراثية نفسها. وورد في كتب أخرى ،عن أب ّي بن
المبكر للإسلام» Early History لكن لحسن حظنا أن العلم تطور كعب« :كأين تقرأ سورة الأحزاب؟
،of Islamيشرح فيه ما توصل في المائة سنة الأخيرة بشكل كبير
إليه هو نفسه ،وما توصل إليه ج ًّدا ،وتطورت أدوات الرؤية أو كأين تعدها؟» قال :قلت له:
والقياس ،وتوفر على دراسة ثلا ًثا وسبعين آية ،فقال :قط ،لقد
العلماء حول هذه الأمور: رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة،
النصوص المقدسة للديانات ولقد قرأنا فيها« :الشيخ والشيخة
* في ظل عدم وجود القديمة كلها علماء في الآثار إذا زنيا فارجموهما البتة نكا ًل من
أي آثار قديمة تدل على واللغات والجغرافيا والمخطوطات
والتاريخ والجيولوجيا ..إلخ، الله والله عزيز حكيم».
الوجود المادي الفعلي تعمل على قدم وساق لمحاولة هذه الأخبار المنقولة لا يؤيدها
للأنبياء الإبراهيميين إخضاع تلك النصوص للعلم
جمي ًعا ،وفي ظل اطلاعك واختبار مدى صحتها ومطابقتها أي وجود مادي من آثار أو
وفحصك للمخطوطات لقواعد المعرفة ،وانعكاساتها مخطوطات ،كما أن اللغة العربية
القديمة ،سواء عندنا أو في الكتب القديمة التي أنتجتها
عند غيرنا ،كم نسبة ثقتك الحضارات المختلفة ،في الشرق كانت وليدة ،ومختلطة بلغات
في حقيقية هذا التاريخ والغرب .فإذ أخذنا اسم «محمد» قديمة مثل الساسانية والآرامية
على سبيل المثال ،سنجد جهود
المنقول إلينا؟ حثيثة لمعرفة بدايات ظهوره في والعبرية ،وكذلك كان الخط
المخطوطات من جهة ،ومعناه العربي هزي ًل ،حروف متشابهة
-حاول علماء الآثار في عصرنا في اللغات المتداخلة وقتها ،ولماذا
الحالي العثور على آثار مادية لم يكن هذا الاسم معرو ًفا الرسم دون تنقيط أو تشكيل
قديمة تدل على وجود أنبياء قبل الإسلام؟ فهناك من ينكر وحروف مد ،ما يجعل (الرسم)
وجوده تما ًما ،وهناك من يقول
الكتاب المقدس ،فلم يوفقوا في هذه إن 15شخ ًصا فقط تس ُّموا به، ُينطق بأكثر من نطق ،وبالتالي
المهمة الصعبة ،نظ ًرا لأن الرواية وأنهم تسموا به عندما سمعوا بأكثر من معنى ..وهذا ليس
الشفهية أخذت حي ًزا كبي ًرا من من الكهان أن نبيًّا سيبعث بهذا
الزمن في نقل قصص الأنبياء، كلامي ،بل كلام اللغويين العرب
قبل أن تجد طريقها نحو التوثيق الاسم! القدماء أنفسهم الذين طوروا
بعد أجيال عديدة ،وربما حتى لهذه الأسباب ذهبت للأستاذ الخط العربي.
قرون عديدة ،وللخروج من هذه محمد لمسيح ،خبير المخطوطات
الإشكالية رأى بعض الباحثين هذا الاختلاف في الرسم والنطق
المؤمنين بهذه القصص كحقيقة المغربي المعروف ،وطرحت -إلى جانب تغير معاني كثير
عليه مجموعة من الأسئلة التي
تاريخية الخوض في تجربة البحث من الكلمات بمرور الزمن ،وهذا
تؤرق أي باحث في موضوع طبيعي -يضعنا أمام إشكالية
ما يجب أن نأخذه وما يجب أن
نهمله من التراث ،ما نصدقه من
روايات وما نكذبه ،خصو ًصا
أننا نعرف أن كثي ًرا من المرويات
خضعت لتقلبات السياسة في
القرون الثلاثة الأولى ،وبالصراع
بين الأمويين والعباسيين
والفاطميين ،هذا الصراع الذي