Page 290 - merit 38 feb 2022
P. 290
العـدد 38 288
فبراير ٢٠٢2
صفحته بفيسبوك تحت هاشتاج ومعانيها ،والتي يغفلها المتطلع إلى لكن مر َّدها إلى أن هناك أنوا ًعا
#آخر_ماقاله_الممثل ،كانت تلك الثقافة الشعبية بوصفها فلكلو ًرا ُمختلفة من المث ّقفين ،لا تستطي ُع
الكتابات في ُمجملها تعرية لل ّذات ليس أكثر( .)4وهو المث ّقف «الوطني» أن تنفي عن أي واح ٍد منهم لفظة
ومواجهة حاسمة مع تناقضاتها «المث ّقف» ،بينما تستطي ُع أن ُتلحق
الغيور ج ًّدا على ُلغته العربية. بلفظة «المثقف» الصفة التي تؤ ّطر
مع نفسها أو مع الواقع ،لقد وقد أستطي ُع أن أطلق على البولاقي دوره ،لأنني لا ُيمكنني أن أتفق
استخدم بوعي نفس فكرة التط ُّهر مع جاك لوكوف فيما ذهب إليه
الأرسطي بصعود الممثل إلى خشبة لفظة «المثقف القلِق» الذي لا
المسرح ل ُتعرض لنا معاناته التي يتو َّقف عن نقد كل شيء ،حتَّى من أن المثقف هو ك ُّل ُمشتغ ٍل
يتخفف منها شيئًا فشيئًا وصو ًل بالعمل الثقافي إنتا ًجا وتوزي ًعا
ذا ُته لا تسل ُم من نقده .وقد وتنشي ًطا( ،)3بل واعتراضي على
للاعتراف ،أو يوغ ُل فيها شيئًا يعتب ُر البع ُض نقد الذات نو ًعا هذا التعريف أنه نظر لتعريف
فشيئًا حتى الهلاك وإلا فلما ل ْم من التّشهير لكنني قد أراه نو ًعا المثقف كتعريف ذي طبقات ،نوا ُته
يختر البولاقي أي عنوا ٍن آخر لهذا من التطهير أو التط ُّهر بمفهومه المبدعون والفلاسفة وهذا صحيح
الهاشتاج ،حتى وإن كان قد ارتبط الأرسطي ،catharsisوهو ما -في رأيي -لكنّه ض ّم إليهم دائرة
عنده بوقائع فعليَّة ،لكن ح َّسه قد ُيخالفني فيه المتخصصون أوسع من الفنانين والصحفيين
النقدي لل َّذات جعل من الهاشتاج في المسرح وال ِّدراما الذين رأوا والمُحامين والمُعلمين وخلافه ،وهذا
أحد تجليَّات نقد الذات والآخر، في المصطلح انحصا ًرا في الأداء مما لا أجدني متف ًقا معه .وهو ما
والسؤال حول جدوى الكتابة المسرحي الذ ي يعالج عاطفتي رآه من قب ُل المف ّكر الإيطالي أنطوني
الشفقة والخوف ،و ُيع ِّرض البطل
ُمجد ًدا. لجرعات متنامية من الألم تدفعه في جرامشي عندما تساءل :هل
وبالعودة إلى مفهوم «المثقف القلق» النِّهاية للاعتراف ،وهو ما ُيش ّكل المثقفون طبقة اجتماعية واحدة؟
الذي أطلقه على البولاقي مع لقبي تنفي ًسا للمتل ِّقي الذي يعتب ُر نفسه
ُمعاد ًل واقعيًّا لذلك البطل المُتخيَّل. أم أن كل طبقة اجتماعية لها
«المثقف الموضوعي» و»المثقف فما علاقة ذلك بنقد الذات لدى مثق ّفوها؟ وهذا ما يؤ ّكد ما أرمي
الوطني» ،فذلك مفهوم أطلقه البولاقي؟ وما ارتباط ذلك بالمفهوم إليه عندما اعتبر ُت البولاقي ُمثق ًفا
الباحث خالد الحروب في كتابه ُمتع ِّد ًدا .فهو بتعبير «غرامشي»
«المثقف القلِق ضد مثقف اليقين». الدرامي للتط ُّهر؟ «مثق ٌف عضو ٌّي» بالتحامه بقضايا
ينادي هذا الكتاب بضرورة لقد نشر البولاقي عد ًدا كبي ًرا من مجتمعه وبيئته والجماهير التي
مواجهة مثقف اليقين بالمثقف
القلق ،وهو في نظري «أشرف القصائد والنثريات مؤ َّخ ًرا عبر يعيش بينها ،وهو «مث ّق ٌف
البولاقي» الذي لا يلين ولا جمال ّي» حي ُث يبرز المثقف
يستكين إلى أيديولوجية أو عقيدة الجمالي ،باحثًا عن مظاهر
فكرية ،ولا يستسلم إلى قناعة الجمال ،في الثقافة الشعبية
نهائية .إن مقاربة صوت وصورة
المثقف في الحقبة الحالية يأتي في الأصيلة (كتابه «أشكال
طليعة المهام المطروحة على المثقف وتجليات العدودة في صعيد
القلق ،الذي يفترض فيه أن يتسلح مصر» نموذ ًجا) ،فتلك الثقافة
بالحس النقدي ،وبهاجس المساءلة بمختلف تعبيراتها وأشكالها،
وأخلاقيات الحوار والمساجلة،
ونقد كل الأفكار ،والانقضاض على من أمثال وشم وخط
ركودها ،حتى لو كانت أفكاره هو وخرافة ،تحمل في طياتها عدة
نفسه .والحال أن هذا القلق الفكري
أبعاد جمالية ،وهي الأبعاد
ذاتها التي يسعى المثقف
الجمالي إلى إبراز قيمتها
علي جعفر الع ّلق