Page 109 - merit 38 feb 2022
P. 109

‫‪107‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                  ‫قصــة‬

‫شائعة ارتباطه بها مرد ًدا الآية القرآنية الكريمة‪:‬‬                                                                                                                ‫وهكذا احتدت المناقشة من جديد إلى أن تدخل أمين‬
‫َف َت َبيَّ ُنوا‬  ‫َأَن«اَْيناِد ُِتَأم ُّيي َِهنصاي»اُ‪.‬بلَّو ِذاي َقَن ْوآ ًم َام ُن ِبواَجإَِه ْانَل ٍة َج َاف َُتء ُكْ ْصمبِ َفُحاو ِاس ٌَقع َ ِبل َن َبَمأٍا‬
‫َف َع ْل ُت ْم‬                                                                                                                                                   ‫صندوق العمارة وكتب رسالة ذكرهم فيه بحديث‬

                                                                                                                                                                                    ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
                                                                                                                                                                         ‫لصا ِحبه‪،‬‬  ‫الِعأندصالحلاه ِبخيِع ُرن َُده املألهجاخري‪ُ .‬ر ُهم‬
                                                                                                                                                                 ‫وخي ُر‬                                                                 ‫‪ -‬خي ُر‬
‫وأصر على أنه يعتبرها بمثابة ابنته وأنه مسؤول‬                                                                                                                                                                                            ‫الجيرا ِن‬

‫عنها إلى أن «يفتكره ربه»‪ .‬إلا أن تصرفاته كانت‬                                                                                                                            ‫فصلوا على النبي وهدأت النفوس مج َّد ًدا‪.‬‬

‫تشي بعكس ذلك‪ .‬فمرة يرسلها إلى عيادة طبيب‬                                                                                                                         ‫وفجأة دخل الأستاذ الجامعي المتقاعد د‪.‬محمود‬

‫من سكان العمارة ويطلب منه إجراء فحوصات‬                                                                                                                           ‫عبد المقصود على الجروب وأدلى بدلوه‪ .‬فاقترح‬

‫كاملة لها في المستشفى الذي يعمل به لأن معدتها‬                                                                                                                    ‫تركيب كاميرات مراقبة في مدخل العمارة والمصعد‪.‬‬

‫تؤلمها‪ .‬ومرة يزور الأستاذ عاصم لمناقشة مشكلة‬                                                                                                                     ‫وفي الحقيقة لم يكن اقتراحه جدي ًدا‪ .‬فمنذ مدة وهو‬

‫مواسير المنور المهترئة التي تحتاج إلى استبدال‬                                                                                                                    ‫يقوم بزيارات مكوكية للسكان لإقناعهم بتركيب‬

‫وفجأة يغير مجرى الحديث إلى أحلام ويبث له قلقه‬                                                                                                                    ‫كاميرات مراقبة‪ ،‬لكن السكان كانوا يرفضون‬

‫عليها‪ .‬فيخبره بأنه عندما اتصل بها في الصباح‬                                                                                                                      ‫اقتراحه‪ .‬وفي الواقع لم يكن هناك أي سبب مقنع‬

‫وجد صوتها خافتًا ومره ًقا إلى درجة أنه طلب منها‬                                                                                                                  ‫لرفض اقتراح تركيب كاميرات مراقبة إلا لأنه جاء‬

‫أن تذهب وتجري فح ًصا لمعاينة مستوى السكر في‬                                                                                                                      ‫من الدكتور محمود عبد المقصود‪ .‬فكما يقول المثل‬

‫الدم فربما كانت مصابة بمرض السكر دون علمها‪.‬‬                                                                                                                      ‫«اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي»‪ .‬فلم‬

‫وبعد قليل يعرض عليه خدماتها من تنظيف وشراء‬                                                                                                                       ‫يفق السكان بعد من المصيبة التي ابتلى فيها العمارة‬

‫حاجيات‪ .‬ثم يسأله فجأة إن كان يعرف أن لها أختًا‬                                                                                                                                      ‫عندما كان أمينًا على الصندوق‪.‬‬
                                                                                                                                                                 ‫فذات يوم استيقظ سكان العمارة ليجدوا امرأة‬
‫توأ ًما؟ فيرد عليه الأستاذ عاصم بهدوئه المعتاد‪:‬‬
                                  ‫‪ -‬لا والله‪.‬‬                                                                                                                    ‫اسمها أحلام تطرق أبواب شققهم وتخبرهم أنها‬

                                 ‫فيجيبه بحماس‪:‬‬                                                                                                                   ‫ابنة البواب الأسبق‪ .‬وأنها ولدت في هذه العمارة‪.‬‬

‫‪ -‬لو رأيتهما في الشارع تمشيان لن تفرق بينهما‪.‬‬                                                                                                                    ‫وأنها انتقلت للعيش في البدروم مع أبنائها الثلاثة‪.‬‬

‫ويسترسل في وصف طولهما الفارع وعرضهما‬                                                                                                                             ‫ثم أخذت تعرض عليهم خدماتها‪ .‬وعندما سألوا عم‬

‫وقوة بنيتهما الجسدية‪ .‬ثم يشتكي له من أبنائها‪.‬‬                                                                                                                    ‫حسين عمن أتى بها‪ ،‬أخبرهم أنه عاد من إجازته‬

 ‫فابنها الكبير يقضي معظم وقته نائ ًما وكلما وجد‬                                                                                                                  ‫وفوجىء بها وقد كسرت قفلي غرفتين في البدروم‬
‫له عم ًل يداوم عليه عدة أيام ثم يتوقف‪ .‬أما ولداها‬
                                                                                                                                                                 ‫واستولت عليهما بالأمر الواقع‪ .‬فطالبوا د‪.‬محمود‬

‫الآخران فمهما حاول مساعدتهما في الدراسة‬                                                                                                                          ‫عبد المقصود بالتدخل فو ًرا وطردها من البدروم‪.‬‬

‫فلا فائدة ترجى منهما‪ .‬ثم أخذ يصف له كيف‬                                                                                                                          ‫لكنهم فوجئوا به يدافع عنها‪ .‬وأخبرهم أن والدها‬
                                                                                                                                                                 ‫البواب الأسبق كان رج ًل طيبًا‪ .‬وأنه يعرفها منذ‬
‫تعاقب أولادها عند تقصيرهم في الدراسة‪ :‬تقف‬

‫على الكنبة وبيدها كرباج توقعهم به ضر ًبا‪ .‬امرأة‬                                                                                                                  ‫أن كانت طفلة تلعب في المدخل‪ .‬وأنها انفصلت‬

‫شديدة البأس تستطيع أن تعتمد عليها صدقني‪.‬‬                                                                                                                         ‫عن زوجها البلطجي مؤخ ًرا‪ .‬ورفض أخوها بواب‬
                                                                                                                                                                    ‫العمارة الأخرى على ناصية الشارع استقبالها‬
‫وأخذ يخبره أنه في حال تعرض لأي مكروه‪ ،‬مهما‬

‫كان نوعه‪ ،‬فر ًضا لو حاول أحد السطو على شقته‪،‬‬                                                                                                                             ‫مع أولادها وهي لا تستطيع التخلي عنهم فلم‬

‫فما عليه إلا أن يصرخ من طرقة المنور‪ ،‬يا أحلام‪،‬‬                                                                                                                   ‫يكن أمامها إلا هذه الطريقة‪ .‬وأعلن أنه سيتبناها‬

‫وستكون أحلام أمام باب الشقة وهي تمسك المجرم‬                                                                                                                      ‫وسيتولى شؤونها ما دام حيًّا‪ .‬وعندما حاولوا بعد‬

                                 ‫من «زمارة رقبته»‪.‬‬                                                                                                               ‫ذلك طردها بقوة القانون أظهرت لهم عقد إيجار‬

‫لكن الأستاذ عاصم لم يكن متعاط ًفا معها على‬                                                                                                                       ‫رسمي‪ .‬وسرعان ما سرت شائعة بين السكان عن‬

‫الإطلاق‪ ،‬خاصة بعد أن طرقت بابه في أحد الأيام‬                                                                                                                     ‫زواجه من أحلام عرفيًّا بعد أن تركت زوجته الشقة‬

‫وطلبت منه بحدة أن يتوقف عن وضع الطعام‬                                                                                                                            ‫وانتقلت للعيش مع ابنتها‪ .‬وعلى الرغم من أنه كذب‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114