Page 232 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 232
مشاهدتي للكتب تلتئم السمات التي تميز عبقرية الحدث الشخصي ،الذي
مكون ًة إطا ًرا خا ًّصا، الشاعر عن بقية المبدعين يستوجب الإطراء والتبجيل
وهكذا .فنحن نحمل في الآخرين ،فيقول: مثل وقائع الميلاد والوفاة
نفوسنا عد ًدا واف ًرا من «قلنا من قبل إن حركة والترقيات المهنية وأعياد
الأطر ننظم بها أفعالنا الميلاد .ومن ثم تفقد هذه
جمي ًعا ،سواء أكانت تذو ًقا العبقري متّجهه إلى الخطوة معناها ،لأن الشاعر
أم إدرا ًكا أم أي فعل آخر». استعادة النحن في تنظيم لا يسعد كثي ًرا بالمتلقي الذي
جديد ،غير أن المشاهدة يبارك له على نشر قصيدة
(ص)١٦٣ تدلنا على أن لكل عبقري قدر سعادته بمن يقرأها
وتردنا فكرة الإطار، طريقه الذي يسلكه في هذا ويتذوقها ويعبّر بالكلمات عن
فلسفيًّا ،إلى مفهوم «الوعى السبيل ،فهذا يسلك سبيل إعجابه بها والأسباب التي
التاريخي الفعال» عند
الفيلسوف الألماني المعاصر العبقرية العلمية ،وذاك دفعته لهذا الإعجاب.
هانز جيورج جادامر، يسلك سبيل العبقرية الفنية
والذي يعني أن فهمنا عبقرية الشاعر
للنصوص المعاصرة يتأثر في التصوير أو الشعر أو
بمعارفنا التي ح ّصلها الموسيقى ،والبعض يسلك تحدثنا في السطور السابقة
الوعى في الماضي ،وهي سبيل العبقرية السياسية، عن عبقرية المبدع بصفة
نفس الفكرة التي قال عامة ،من خلال تحليلات
بها دكتور يوسف مراد وهكذا .فماذا يحدد لكل
(أستاذ سويف والمشرف هؤلاء العباقرة طرقهم؟ د.مصطفى سويف لنصوص
على رسالته) عندما قال «.. أو بالأخص لماذا يكون الشعراء ،وتبيّنا كيف أن
لا بد أن يستخدم الشخص العبقري شاع ًرا في بعض
المدرك معلوماته السابقة الأحايين؟»( .ص)١٥٧ مسألتي التكيف مع البيئة من
وأن ينظر إلى الحاضر في ولكي يجيب سويف على ناحية ،ومحاولة الاتجاه نحو
ضوء الماضي»( .مبادئ هذا السؤال ،فقد استعان
علم النفس العام ،القاهرة، بفكرة الإطار كعامل نوعي الآخر (النحن) من ناحية
دار المعارف،١٩٤٨ ، لتحديد عبقرية الشاعر، أخرى كانتا بمثابة القوة
ص ،١٦٣نق ًل عن سويف، والفرض الذي يضعه هو المحركة والدافعة للمبدع
القول بأن هذه العبقرية في تجاه القيام بإبداعه ،لكن
ص)١٥٨ نوعيتها إنما ترجع لنوع سويف يعود ليتساءل عن
وتكشف تحليلات سويف الإطار الذي يحمله الشاعر،
فما المقصود بالإطار؟ يقول
لنصوص الأدباء في
هذا السياق عن وعي سويف:
المبدعين بأهمية الإطار، « ..هو نظام تلتئم فيه
الذي يمثل البناء الداخلي، خبراتنا مكونة أبنية متكاملة
الفكري والثقافي ،والنفسي على حسب ما بينها من
للشخصية ،ما يدفعهم، تقارب أو تشابه .فخبراتي
بوعي أو بغير وعي ،إلى بتذوق الأعمال الفنية تلتئم
الاهتمام باستيعاب أكبر في كل إطار إستطيقي،
قدر من الأعمال الأدبية، وخبراتي بميدان البحوث
العلمية تلتئم في إطار آخر،
وخبراتي الناتجة من كثرة

