Page 21 - مجلة جمارك عمان العدد 5
P. 21

‫الأمنية التي تواجهها الدول والمجتمعات‪،‬‬         ‫بع�ضها يرتبط بطبيعة النظام الإعلامي‪،‬‬           ‫ما أ�ريد أ�ن أ�عيد الت�أكيد عليه هنا (وقد �سبق‬
‫وتغير البيئة ا إلعلامية ودخول و�سائل جديدة‪،‬‬    ‫وحجم الحرية التي تتمتع بها و�سائل الإعلام‪،‬‬     ‫�أن ن�شرته في �أكثر من مقال) هو إ�ن بع�ض‬
‫قد لا ت�ستطيع الدول التحكم في م�ضامينها‪،‬‬       ‫وعلاقة هذه الو�سائل بالحكومة‪ ،‬والأهم على‬       ‫ا ألن�شطة الب�شرية يمكن أ�ن تتخطي كونها‬
‫يجعل من هذه الو�سائل �سلاحا متعدد الحدود‪،‬‬      ‫وجود �أو عدم وجود ا�ستراتيجية �إعلامية‬         ‫�سلاح ذو حدين‪ ،‬وت�صبح متعددة الحدود‪،‬‬
‫ولي�ست �سلاحا ذو حدين فقط‪ .‬فالدور الذي‬                                                        ‫وعلى �أ�سها الأن�شطة الإعلامية والات�صالية‬
‫يمكن �أن تقوم به و�سائل الإعلام تجاه الأمن‬             ‫للتعامل مع ق�ضايا الأمن الوطني‪.‬‬        ‫في المجتمع‪ ،‬التي يمكن في ظروف معينة‪ ،‬وفي‬
‫الوطني قد يكون �سلبيا تماما عندما ت�ستخدم‬      ‫لقد ات�سع مفهوم الأمن الوطني كثيرا في‬          ‫ق�ضايا محددة �أن ت�صبح �أ�سلحة ها حدود‬
‫في دعم ا إلرهاب ون�شر الفكر المتطرف‪،‬‬           ‫ال�سنوات الأخيرة ليتجاوز المفهوم التقليدي‬      ‫كثيرة‪ .‬ولذلك ف�إن علينا �أن ننتبه لذلك حتى‬
‫ويمكن �أن يكون إ�يجابيا ومفيدا في مواجهة‬       ‫الذي كان يح�صره في ا ألمن الع�سكري‪ ،‬و�أ�صبح‬    ‫نقلل �إلى �أق�صى حد ما يمكن أ�ن ت�سببه من‬
‫تحديات الأمن الوطني عندما ت�سهم في خلق‬         ‫ي�شمل �أبعادا غير ع�سكرية مثل ا ألمن من‬
‫الوعي ال�شعبي بهذه التحديات‪ ،‬وتوفر ل�صانع‬      ‫ا إلرهاب‪ ،‬وا ألمن الاقت�صادي‪ ،‬و�أمن الطاقة‪،‬‬            ‫جروح للمجتمع والدولة والإن�سان‪.‬‬
‫القرار ا ألمني المعلومات التي تعينه على‬        ‫والأمن البيئي‪ ،‬و�أمن المناخ‪ ،‬وا ألمن الغذائي‪،‬‬  ‫ولعل هذا ما يدعونا إ�لى المطالبة ب إ�عادة‬
‫اتخاذ القرار ال�صائب في المواقف المختلفة‪،‬‬      ‫وا ألمن ال�سيبراني‪ ،‬وجميع الق�ضايا المتعلقة‬    ‫النظر‪ ،‬بعد تجاربنا الإعلامية الطويلة‪ ،‬في‬
‫وعندما تعمل كرقيب حر على م�ؤ�س�سات‬             ‫ب�أمن الأرواح والممتلكات في بلد ما‪ .‬أ��صبح‬     ‫مفهوم ا ألمن الوطني ودور و�سائل الإعلام‬
‫المجتمع تك�شف أ�خطائها وتدفعها إ�لى مراجعة‬     ‫الأمن الوطني يعني كما يرى البع�ض "العي�ش‬       ‫المتعدد الوجوه والحدود �سواء في دعم‬
                                               ‫في مناخ خال من الهجوم أ�و أ�ي �سيناريو قد‬      ‫وتعزيز هذا الأمن‪� ،‬أو في تهديده وزيادة‬
          ‫وت�صحيح خططها و�سيا�ساتها‪.‬‬           ‫ي ؤ�دى �إلى �سقوط القانون والنظام"‪ .‬ويمتد‬      ‫حجم المخاطر التي يتعر�ض لها‪ .‬من المهم‬
‫نعلم �أن لدينا مخاوف تتعلق بالت�أثيرات‬         ‫الأمن الوطني ليغطي "قدرة الأمة على‬             ‫�أن ن�صل �إلى قناعات حول ما �إذا كان يجب‬
‫ال�سلبية لحرية الر�أي والتعبير وال�صحافة‬       ‫ال�سيطرة على المواقف الخارجية والداخلية‬        ‫علينا �أن نزيد من م�ساحة الحرية التي تتمتع‬
‫على الأمن الوطني‪ ،‬وهي مخاوف قديمة‬              ‫التي قد تعر�ض الدولة للخطر"‪ .‬ووفقا لذلك‬        ‫بها و�سائل �إعلامنا‪ ،‬لكي تكون قادرة على‬
‫ومتوارثة من فترات �سابقة‪ ،‬كانت وما زالت‬        ‫ف�إن مكونات الأمن الوطني �أ�صبحت تت�ضمن‬        ‫التنبيه إ�لى التهديدات التي يتعر�ض لها ا ألمن‬
‫أ�حد أ�هم أ��سباب فر�ض قيود على و�سائل‬         ‫حماية أ�رواح وكرامة وممتلكات‪ ،‬المواطنين‪،‬‬       ‫الوطني‪ ،‬وبالتالي زيادة قدرة المجتمع والدولة‬
‫الإعلام �سواء التقليدية أ�و الجديدة في العديد‬  ‫وحماية الموارد والثروات‪ ،‬وحماية الثقافة‬        ‫على الا�ستعداد لها ومواجهتها‪ ،‬أ�م الاحتفاظ‬
‫من دول العالم‪ ،‬وحان الوقت في هذا الع�صر‬        ‫والقيم والآداب العامة‪ ،‬وحماية الإقليم‬          ‫بالم�ساحات المحدودة من الحرية التي تجبر‬
                                               ‫و�سيادة الدولة وم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬با إل�ضافة �إلى‬   ‫و�سائل الإعلام على تجاهل تلك التهديدات‬
                   ‫الرقمي لمراجعتها‪.‬‬           ‫تحقيق العدالة والظروف المعي�شية العادلة‬        ‫والتقليل من �ش�أنها‪ ،‬وما قد يترتب على ذلك‬
‫لا �شك �أن هذه المراجعة تتطلب مراجعة �شاملة‬                                                   ‫من تعر�ض الدولة والمجتمع ل ألزمات المفاجئة‬
‫وعاجلة لر ؤ�ية المجتمع ل إلعلام ومكانته بين‬                   ‫لجميع مواطني الدولة‪.‬‬            ‫التي قد تهدد ا�ستقراره وربما تهدد أ�ي�ضا‬
‫م�ؤ�س�ساته‪ ،‬ودوره‪ ،‬والفل�سفة التي تحدد‬         ‫ورغم عدم وجود �إجماع بين ا إلعلاميين‬
‫وظائفه‪ ،‬وا إلطار التنظيمي وا ألخلاقي الذي‬      ‫والأمنيين حول الت�أثير الفعلي للإعلام‬                              ‫بقاءه وا�ستمراه‪.‬‬
‫يحكم عمله‪ ،‬وذلك حتى يكون �سلاحا فاعلا‬          ‫وو�سائله ور�سائله على ا ألمن الوطني‪ ،‬ف إ�ن‬     ‫من الم�ؤكد �أن دور و�سائل الإعلام في تعزيز أ�و‬
‫ذا حد واحد‪ ،‬يعزز ا ألمن الوطني ولا يهدده‪.‬‬      ‫تغير مفهوم الأمن الوطني وتعدد التهديدات‬        ‫تهديد ا ألمن الوطني يتوقف على عوامل كثيرة‬

‫‪20‬‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26