Page 17 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 17

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫اختـ ارع يحتـاج الإنسـان إلـى صنعـه‪ ...‬والعواقـب‬            ‫التكنولوجيـا سـنجد كيانـات أذكـى منـا‪ ،‬نتيجـة تطويـر‬
‫الأكثـر إثـارة للقلـق‪ ،‬أن أي آلـة ذكيـة مـن هـذا‬            ‫أجهـزة الكمبيوتـر‪ ،‬وتوظيـف الـذكاء الاصطناعـي‪،‬‬
‫النـوع لـن تكـون أداة للبشـرية هـي أدوات للأ ارنـب أو‬       ‫سـتوجد كائنـات أكثـر ذكا ًء مـن البشـر‪ ،‬إنـه “التفـرد‬

                                  ‫الش ـمبانزي»‪.‬‬                                              ‫التكنولوج ـي»‪.‬‬

‫فـي ظـل «التفرديـة التكنولوجيـة» أو «مرحلـة يعـود «فيرنـور فينـج» ويتسـاءل‪ :‬هـل يمكـن‬

‫مـا بعـد الإنسـانية»‪ ،‬سـيتعرض المجتمـع لتبعـات تجنـب التفـرد؟ ويجيـب‪ :‬ربمـا لـن يحـدث ذلـك علـى‬

‫خطيـرة نتيجـة البرمجـة الذاتيـة‪ ،‬هـذه المرحلـة لا الإطـاق‪ ،‬مـن المحتمـل أن ننظـر لعصرنـا علـى أنـه‬
‫ازلـت قيـد البحـث والتطويـر‪ .‬مـن المتوقـع أن تختلـف العصـر الذهبـي‪ ،‬وسـيكون أيضـا نهايـة التقـدم‪ ،‬وهـو‬

‫حيـاة الإنسـان فـي المسـتقبل عـن كل مـا عرفتـه المسـتقبل الـذي تنبـأ بـه «جونتـر سـتنت» ‪Stent‬‬

‫‪ .Gunther‬إذا كان «التفرد التكنولوجي» لا يمكن‬                ‫البشـرية قبـل ذلـك‪ ،‬فـي كافـة جوانبهـا‪ :‬الاجتماعيـة‪،‬‬
‫منعـه أو حصـره‪ ،‬فمـا أثـر ذلـك علينـا؟ هـل يمكـن أن‬               ‫والاقتصاديـة‪ ،‬والصحيـة‪ ،‬والتربوية‪...‬إلـخ‪.‬‬
‫يكـون عصـر مـا بعـد الإنسـان؟ أي انقـ ارض الجنـس‬
‫البشـري‪ ،‬ربمـا تقـرر الحكومـات ببسـاطة أنهـا لـم‬            ‫لخـص «ميتشـيو كاكـو» هـذه التغيـ ارت فـي كتابـه‬
‫تعـد بحاجـة إلـى مواطنيـن! الانقـ ارض الجسـدي ليـس‬          ‫«فيزيـاء المسـتقبل» بقولـه‪( :‬إنـه بحلـول عـام ‪2100‬‬
                                                            ‫سـنكون قادريـن علـى تحريـك الأشـياء عـن طريـق‬
                                  ‫الأكثـر رعبـا‪.‬‬            ‫التفكيـر‪ ،‬بقـدرة تحريكيـه عـن بعـد‪ ،‬بقـدرة التكنولوجيـا‬
                                                            ‫الحيويـة سـنخلق أجسـاًدا مثاليـة وسـنطيل أعمارنـا‪،‬‬
‫في عالم ما بعد الإنسـان‪ ،‬سـيكون التشـغيل الآلي‬              ‫وسـنقدر علـى خلـق أشـكال لحيـاة جديـدة‪ ،‬بقـوة‬
‫المعـادل للإنسـان أمـًار مرغوًبـا‪ ،‬مـا يعنـي البطالـة‬       ‫«النانـو تكنولوجـي» سـنحول الأشـياء مـن العـدم‪،‬‬
‫نتيجـة الاسـتغناء عـن البشـر‪ .‬وجـود «التفـرد» نتيجـة‬        ‫سـنركب مركبـات تحلـق فـي الجـو دون جهـد ودون‬
‫حتميـة لطبيعـة البشـر والقـدرة التنافسـية والإمكانيـات‬

‫وقـود‪ ،‬عـن طريـق محركاتنـا سنسـتغل طاقـة النجـوم‪ ،‬الكامنـة فـي التكنولوجيـا والـذكاء الاصطناعـي‪ .‬مـا‬

‫سـبق مـن إمكانـات قـد ُيسـاء اسـتخدامها للـذكاء‬             ‫سـنحاول إرسـال سـفن فضائيـة لاستكشـاف النجـوم‪،‬‬
‫الاصطناعـي‪ ،‬ومرحلـة التفـرد التكنولوجـي تهـدد‬               ‫سـتتغير حيـاة الإنسـان‪ ،‬سـنتمكن مـن اكتشـاف‬
                                                            ‫الأمـ ارض والحـوادث وحـالات الطـوارئ‪ ،‬سـيتغير‬
‫حقـوق الإنسـان بـكل أنواعهـا‪ ،‬وصـوًل لتهديـد الحـق‬          ‫نظـام عمـل الإنسـان والنقـل والتعليـم والمصانـع‬
                              ‫فـي الحيـاة ذاتهـا‪.‬‬

‫ثالًثــا‪ :‬تهديــد الــذكاء الاصطناعــي والتفرديــة‬          ‫والم ازرع وكل أشـكال الحياة‪ ،‬ستشـكل هذه التحولات‬
              ‫التكنولوجيــة لحقــوق الإنســان‪:‬‬              ‫حضـارة كوكبيـة لـم تعرفهـا البشـرية‪ ،‬حضـارة مـا‬
                                                            ‫«بعـد الإنسـان» وظهـور مـا أسـماه «كورزويـل»‬
‫منـذ الإعـان العالمـي لحقـوق الإنسـان عـام‬
‫‪1948‬م‪ ،‬تحـرص المؤسسـات الدوليـة والقـوة‬                             ‫‪ Ray Kurzweil‬الكائنـات السـيب ارنية)‪.‬‬
‫العظمـى علـى متابعـة مـدى تحققهـا وانتهاكهـا‬
‫بطريقـة مسيسـة‪ ،‬كوسـيلة للتدخـل فـي شـئون الـدول‬            ‫كتب «آي جي جود» ‪ I. J. Good‬في ستينيات‬
‫أحيانـا ومعاقبتهـا أحيانـا أخـرى‪ ،‬والحـرب ضدهـا‬             ‫القـرن العشـرين‪ ،‬عـن الـذكاء الخـارق‪« :‬الآلـة فائقـة‬
‫واسـتعمارها أحيـان ثالثـة‪ ،‬بدعـاوى اضطهـاد‬                  ‫الـذكاء هـي آلـة قـد تتجـاوز جميـع الأنشـطة الفكريـة‬
‫الأقليـات وانتهـاك حقـوق الإنسـان والتمييـز ‪....‬إلـخ؛‬       ‫لأي شـخص‪ ،‬يمكـن أن تُصمـم آلات أفضـل؛ هنـا‬
                                                            ‫سـيكون (الانفجـار الذكائـي)‪ ،‬سـيتم تـرك ذكاء‬
       ‫لتحقيـق المكاسـب والثـروات والمصالـح‪.‬‬                ‫الإنسـان‪ ،‬بالتالـي أول آلـة فائقـة الـذكاء هـي آخـر‬

                                                        ‫‪17‬‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22