Page 8 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 8

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫إلـى حـد التأثيـر عليهـم اجتماعًّيـا ونفسـًّيا ومالًّيـا‪.‬‬     ‫مـن الناحيـة النفسـية يسـمى هـذا التفـكك‬
‫حتـى أنهـم قـد يخالفـون قواعـد التوقعـات المعقولـة‬            ‫(سـولر‪ .)2005 ،‬هنـاك قلـق خطيـر آخـر فيمـا‬
                                                              ‫يتعلـق بالفضـاء السـيب ارني وهـو أنـه لا يمكـن للمـرء‬
                             ‫والمدنيـة للسـلوك‪.‬‬               ‫أن يعـرف مـن يتفاعـل ‪ /‬تتفاعـل معهـا‪ .‬يمكـن‬
                                                              ‫للأشـخاص دائ ًمـا افتـ ارض هويـة مزيفـة (تُعـرف‬
‫ومـع ذلـك لا يتـم تشـكيلها علـى أنهـا أنشـطة‬                  ‫أي ًضـا باسـم «الصـورة الرمزيـة المزيفـة»)‪ ،‬ومواصلـة‬
‫تقـع ضمـن نطـاق الحظـر الجنائـي‪ ،‬بسـبب الطبيعـة‬               ‫الدردشـة معـك لعـدة أيـام‪ ،‬أو حتـى شـهور‪ ،‬قبـل أن‬
‫الفريـدة للفضـاء السـيب ارني (‪،Jaishankar‬‬                     ‫تكتشـف أخيـًار أن الشـخص الـذي كنـت تتواصـل‬
‫‪ .)2008‬لمعالجـة هـذا الموقـف جـادل سـيلك‬                       ‫معـه ليـس هـو الشـخص الـذي يدعـي أنـه هـو‪.‬‬
‫وديميتريـو (‪((()2003‬بـأن نـزع الطابـع الفـردي‬
‫هـو أحـد الأسـباب الرئيسـية للسـلوك المنحـرف‬                  ‫بمعنـى آخـر‪ ..‬لا يمكـن تحديـد الهويـة والمعلومات‬
‫للأشـخاص فـي الفضـاء الإلكترونـي‪ .‬أوضحـوا أن‬                  ‫التـي يقدمهـا الشـخص علـى الفضـاء الإلكترونـي‬
‫نـزع الطابـع الفـردي هـو حالـة نفسـية يفقـد فيهـا المـرء‬      ‫بدقـة‪ .‬خـذ الاحتيـال الزوجـي علـى سـبيل المثـال‪.‬‬
‫إحساسـه بالفرديـة والمسـئولية الشـخصية‪ .‬نتيجـة‬                ‫فـي مثـل هـذه الحـالات يقـوم المحتالـون عموًمـا‬
‫لهـذا الاضطـ ارب يمكـن للنـاس أن يتصرفـوا بشـكل‬               ‫بإنشـاء ملـف تعريـف جـذاب لامـ أرة ذات شـعار‬
‫أقـل إيثـاًار وأكثـر أنانيـة وأكثـر عدوانيـة‪ .‬فـي حيـن‬
‫أنـه يمكـن أن يكـون هنـاك العديـد مـن الأسـباب و ارء‬           ‫غزلـي فـي محاولـة لخـداع العرسـان المحتمليـن‪.‬‬
‫عـدم التفـرد‪ ،‬فقـد حـدد (‪)2008 ,Jaishankar‬‬
‫أن إخفـاء الهويـة هـو العامـل الوحيـد الأكثـر أهميـة‬          ‫ومن ثم لا يمكن التحقق بدقة من شرعية الهوية‬
                                                              ‫والمعلومـات الـواردة فـي هـذه المواقـع (أو أي مواقـع‬
                      ‫الـذي يسـبب عـدم التفـرد‪.‬‬               ‫شـبكات علـى الإنترنـت لهـذا الأمـر)‪ .‬الملاييـن مـن‬
                                                              ‫الأنشـطة الإج ارميـة التـي يتـم إخفـاء هويتهـا علـى‬
‫‪.3‬مـن المرجـح أن يتـم اسـتي ارد السـلوك الإج ارمـي‬
‫للمجرميـن فـي الفضـاء السـيب ارني إلـى الفضـاء‬                                                 ‫أسـاس يومـي‪.‬‬
‫المـادي الـذي قـد يتـم تصديـره فـي الفضـاء المـادي‬
                                                              ‫علـى مـا يبـدو فـإن أحـد العوامـل الرئيسـية التـي‬
                 ‫أي ًضـا إلـى الفضـاء السـيب ارني‪:‬‬            ‫تحـث معظـم أفـ ارد المجتمـع علـى التصـرف بأسـلوب‬
‫قبل عام ‪ 2000‬كان مجرمو الإنترنت يتصرفون‬                       ‫صـادق وغيـر عنيـف هـو الخـوف مـن أن يتـم‬
‫بمفردهـم‪ .‬لقـد ارتكبـوا الغالبيـة العظمـى مـن الج ارئـم‬       ‫القبـض عليهـم‪ ،‬وهـو عامـل ردع‪ .‬ومـع ذلـك فـإن‬
‫المتعلقة بالحاسوب بصفتهم الشخصية‪ .‬كان الدافع‬                  ‫هـذا الـردع يتضـاءل إلـى حـد كبيـر فـي الفضـاء‬
‫الرئيسـي الـذي دفعهـم إلـى ارتـكاب جريمـة فرديـة هـو‬
‫الدعايـة والسـمعة السـيئة‪ ،‬وليـس الربـح‪ .‬ولكـن فـي‬                                                ‫السـيب ارني‪.‬‬
‫السـنوات القليلـة الماضيـة أصبـح مجرمـو الإنترنـت‬
‫أكثـر احت ارًفـا‪ ،‬مقارنـة بملفهـم الشـخصي السـابق‪،‬‬            ‫لـم ذلـك؟ وذلـك لأن الفضـاء الإلكترونـي يسـمح‬
‫حيـث انغمسـوا فـي القرصنـة والج ارئـم الأخـرى‬                 ‫للمجرميـن بمهاجمـة ضحاياهـم حتـى مـن أكثـر‬
‫المتعلقـة بالكمبيوتـر‪ ،‬إمـا فـي الماضـي أو حتـى فـي‬           ‫المواقـع النائيـة؛ لا يجـب أن يكونـوا قريبيـن جغ ارفيـا‬
                                                              ‫مـن الضحايـا علـى عكـس المسـاحة الماديـة‬

                                                                                  ‫( ‪.)2015 ،Jaishankar‬‬

‫‪(7)Demetriou, C., Silke, A. (2003). A Crim-‬‬                   ‫عـاوة علـى ذلـك فـإن الضـرر الـذي لحـق‬
‫‪inological Internet ‘Sting’. Experimental‬‬                     ‫بالضحايـا ‪ -‬نتيجـة للجريمـة الإلكترونيـة ‪ -‬غيـر‬
‫‪Evidence of Illegal and Deviant Visits to a‬‬                   ‫واضـح علـى الفـور‪ .‬قـد تتسـبب الج ارئـم الإلكترونيـة‬
‫‪Website Trap. British Journal of Criminol-‬‬                    ‫فـي أضـ ارر جسـيمة للضحايـا‪ ،‬فـي بعـض الأحيـان‪،‬‬
‫‪ogy. 43(1), 213-222‬‬

                                                           ‫‪8‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13