Page 282 - merit 53
P. 282
العـدد 53 280
مايو ٢٠٢3 سمر لاشين
سامية ساسي..
لا تحولوا حائطها
إلى مبكى ،واقرؤوها
بخيٍر دائ ًما
كان واض ًحا لمن يرى منا بعين صامتة بدمو ٍع جافة وعيون ما الحكمة من خط ِف
أف َّنطهانت ِهشاوعحردٌة بسنه اتلمشوع ٍرت؛يياتلرضباحن ِّي شاردة .لم أع ْد أبكي بعدها حين ال َّشاعرات حين يبلغ َن
ذلك من نض ِج قصائدها ،واكتمال يموت أ ُّي إنسا ٍن ،بال َّرغم من أ َّني
بدرها ،ومطاردتها لل ِشعر طوال سن ال ُنبوة؟!
شخ ٌص «عيوط» أبكي بغزار ٍة يا إلهي! س ُن النبوة يعني بداية
الوق ِت ،وفي ك ِّل مكا ٍن .وكأن دون سب ٍب ،إ َّل عند الموت أصبح ْت جني الثمار في الحياة ،ونضج
هناك تا ًرا بينها وبينه ،وهي الفكرة في ال ِّشعر ،وفرح الجسد في
كامرأ ٍة حر ٍة أقسم ْت أن تنال منه، تج ُّف عينا َي بشك ٍل يثي ُر الشفق ِة
حتى وإ ْن كان صوتها صغي ًرا عليَّ مم ْن حولي ،أذكر عندما مات الح ِّب ،وفي امتلاك ال َبحر والليل
بحج ِم مندي ٍل ،وأربعون عا ًما أبي في الصباح الباكر –بعدها -لم وس ِّر اللو ِن الأزرق.
تغني بشوك ٍة في حلقها ،وليس
بحوزتها سلاح سوى قل ٍم ُتخفيه أب ِك مع أمي وأخوتي ،تركتهم إذن ،لقد رحل ْت سامية ساسي
في نحيبهم ،وارتديت ملابسي قبل أن تجني ثمارها .ماذا عليَّ أن
في شعرها. ال َّسوداء وجلست أمام البيت
عندما ُتخفي القصيدة أكثر مما أكتب الآن؟
ُتبدي ،وبمك ٍر ُتقنعك بعاديتها، أستقبل المعزيين. من ُذ أ ْن ماتت أختي في الثلاثين
الك ُّل بات يعر ُف طريقة ُحزني من عمرها -والتي تصغرني بعا ٍم
ثم تمسك ب َك من يد َك وهي الجافة وال َّصامتة على الموتى. واحد ونص ٍف وكانت الأقرب لي-؛
تبتسم بوداع ٍة ،فتسلم نفس َك لها حين علم ُت بموت سامية قبل قالوا إ َّنها بنت مو ٍت ،فعل ْت كل ما
يمكن أ ْن يفعل ُه انسان حتى س ِن
راضيًا ومقتن ًعا أن َك ل ْن ُتجرح ظهيرة يوم الثلاثاء الثامن ال َّشيخوخة .حين وصلني الخبر؛
فهي بلا أنيا ٍب ،لتجد نفس َك والعشرين من شهر فبراير لم أب ِك .بدا لي حينها أ َّن فع َل ال ُبكاء
للعام ،2023وكنت في مدرسة فع ٌل ه ٌّش وتاف ٌه حيال ثقل هذا
في قل ِب القصيد ِة وقبل ال َّسطر ابني ،جلست مكاني ،على مقعد
الأخي ِر حين تلف قدمك وتتهيأ في حوش المدرسة ،صامتة، الفقد الذى يعصر في قلبي.
للمغادرة؛ لتكشف لك عن وحشيَّة ومن ملامحي وشرودي؛ رأ ْت الجميع يبكون بحرار ٍة ُتلين
بريئ ٍة -تعجبك اللذة الغامضة صديقتي مراسم ال َجنازات وهي الصخر ويعددون -فقد ماتت
ُتطل من عيني َّي« :مين اللي مات؟».
بنتهم صغيرة -وأنا أجلس بينهم