Page 138 - كتاب السلامية الثالث المتوسط_Neat
P. 138
البستان الﻜاﻓر أ ﱠن هذﻩ الﺜروة والمال والﺠاﻩ والنﻔوذ ِإ ّﻧما هي ُأمور أبد ّية
خالدة ﻻتﻔنﻰ ،ﻓدخﻞ بﻐـرور إلﻰ بستاﻧه وهو ﻻ يعلم بأ ﱠﻧ ُه يﻈلم ﻧﻔسه،
وﻧﻈر إلﻰ أﺷﺠارﻩ ال ُﺨ ْﻀر التي ﻛادت أﻏﺼاﻧها تنحني ِمن ﻛﺜرة ماتحمله
من الﺜمر ،وسمﻊ ﺻوت الماء الذي يﺠري ﻓي النهر الﻘريب من البستان
والذي ﻛان يسﻘي أﺷﺠارﻩ ،وبﻐﻔلة عن عﻈمة الله وﻗدرته ﻗال :ﻻ أﻇن أن
يﻔنﻰ هذا البستان ،ﺛم ازداد تﺠاوزﻩ وﻏرورﻩ ﻓﻈ ّن بالله ﻇ ّن السوء ﻗاﺋ ًﻼ :وما
أﻇن أ ّن الساعة ﻗاﺋمة ﻓأﻧﻜر البعﺚ والمعاد ويوم الساعة ،ﺛم استدرك يوهم
ﻧﻔسه ﻇاﻧ ًا أن ملﻜه وﻏناﻩ سيﺸﻔﻊ له ﻓﻘال ﻓي ﺷﻚ :وان جاء يوم الﻘيامة
ورجعﺖ إلﻰ ر ّبي سأجد ماهو أﻓﻀﻞ منها.وﻛان ﺻاحبه الﻔﻘير يستمﻊ إليه
بتعﺠب ﻓﻘال له يو ّبﺨه وينﺼحه :أتـﻜﻔر بمن خلﻘـﻚ من التراب ﻓﺼرت
بﻘدرته رجﻼ ولم تﻜن ﺷيﺌا مذﻛورا .وأﻧا ﻗد أﻛـون أﻗـ ّﻞ منﻚ ما ًﻻ وأوﻻد ًا
وعــ ّﺰ ًا لﻜني لن أﺷرك بربي الواحد اﻷحد ،وسيﺆتيني الله أﻓﻀﻞ مما آتاك
ﻹيماﻧي بالله وإخﻼﺻي ﻓي ﻃاعته ،وليتﻚ دخلﺖ جنتﻚ )بستاﻧﻚ ( وﻗلﺖ
ماﺷاء الله وﻻﻗوة إﻻ بالله ،إذ إن ﻛ ّﻞ هذا الﺨير الذي تتنعم به هو بمﺸيﺌة
الله وﻗدرته ،وهو ﻗادر سبحاﻧه وتعالﻰ أن يرسﻞ عليه ،من السماء عذابا
ﻛالﺼواعﻖ والمطر الﺸديد واﻷعاﺻير ،ﻓ ُي َد ﱢم ُر ُز ُرو َع َها َ ،و َي ْﻘ َت ِل ُﻊ َأ ْﺷ َﺠا َر َها ،
َﻓ ُت ْﺼ ِب ُﺢ تراب ًا أملﺲ ﻻ ينبﺖ زرع ًا وﻻ يﺜبﺖ عليه ﻗدم .ويﺼبﺢ ماؤها الذي
تسﻘﻰ به ﻏاﺋر ًا ﻓي أعماق اﻷرض ﻓلن تﻘدر علﻰ استﺨراجه مرة أخرى.
أخير ًا اﻧتهﻰ الحوار بين الرجلين من دون ان ُيﺆﺛر ﻛﻼم المو ﱢحد المﺆمن
ﻓي أعماق الﻐني المﻐرور ،الذين رجﻊ إلﻰ بيته وهو يعيﺶ ﻓي ﻏﻔلة ومايدري
أ ﱠن اﻷوامر ا ِﻹلهية ﻗد ﺻدرت ب ِﺈبادة بساتينه ومﺰروعاته ال ُﺨ ْﻀر ،وأن ينال
جﺰاء ﻏرورﻩ وﺷرﻛه ﻓي هذﻩ الدﻧيا ،لتﻜون عاﻗبته عبرة لﻶخرين.
ويحتمﻞ أ ﱠن العذاب ا ِﻹلهي ﻗد ﻧﺰ َل ﻓي تلﻚ اللحﻈة ِمن الليﻞ ِعندما خ ﱠيم
الﻈﻼم ،علﻰ ﺷﻜﻞ ﺻاعﻘة محرﻗة أو عاﺻﻔة هوجاء مﺨيﻔة ،أو علﻰ ﺷﻜﻞ
زلﺰال مﺨ ﱢرب ومد ﱢمر .وأ ّي ًا ﻛان ﻓﻘد ُد ﱢمرت هذﻩ البساتين الﺠميلة واﻷﺷﺠار
العالية إذ أحاط العذاب ا ِﻹلهي بتلﻚ المحﺼوﻻت ِمن ﻛﻞ جاﻧب.
1٣٧