Page 51 - لماذا
P. 51

‫لماذا؟‬

‫لم أظن أن حديثي إلى صديقي أ‪ .‬غ قد يدفعني في يوم من الأيام أن أبوح بما‬
‫يمر به من أقدم يو ًما على الانتحار‪ ،‬أو كاد أن يودي بحياته من أجل لا ش يء سوى‬
‫نوبة إحباط‪ ..‬هشاشة في المشاعر والحالة النفسية‪ ..‬حالة من السواد الداخلي‬

                                                     ‫والحزن العميق‪.‬‬

‫فعندما كان صديقي أ‪ .‬غ يشرع في سرد حكايته وكيف بدأت الحياة حوله في‬
‫الخمود‪ ،‬والنور في عينيه في الانطفاء‪ ،‬كيف بات ليله كنهاره‪ ،‬أمسه كحاضره‪ ،‬ولا‬
‫شك أن المستقبل مشوه الملامح‪ ..‬شعرت بمدى وحدته في ظل هذا الركام النفس ي؛‬
‫فعلاقته مع والديه تكاد تكون محدودة ج ًّدا‪ ،‬فوالده مقيم في دولة عربية يسعى‬
‫وراء لقمة العيش ليوفر له ولوالدته وأمه وإخوته حياة كريمة‪ ،‬ظل على هذا‬
‫الحال حتى صار على أعتاب الثلاثين من العمر‪ ..‬طفولته كذلك لم تكن وردية‬
‫أب ًدا؛ فتدني مستواه الدراس ي جعل منه عب ًئا كبي ًرا على والدته‪ ،‬التي كانت تضع‬
‫الكثير من الطموحات والآمال عليه‪ ،‬مثلها كمعظم الأمهات اللاتي تتوسمن في‬
‫ابنهم البكري مستقبل عظيم‪ ..‬مما يثقل كاهله بمسئولية عظمى كلف بها منذ يوم‬

                                                            ‫ولادته‪.‬‬

‫ازداد تخبطه في فترة شبابه عندما تحتم عليه الالتحاق بالجامعة التي تناسب‬
‫مجموعه في الثانوية العامة ورغبة والديه آنذاك‪ ،‬وليس ما يريده هو‪ .‬فبالرغم من‬
‫رغبته في الالتحاق بكلية السياحة والفنادق للعمل في مجال يحبه ويطمح أن يبدع‬
‫فيه‪ ،‬أجبر أن يلتحق بكلية الحقوق‪ ،‬واجه العديد من الصعوبات في أثناء دراسته‬
‫مما اضطره لإنهاء الدراسة في ست سنوات بد ًلا من أربعة سنوات‪ ..‬وعندما تخرج‬

                                       ‫‪ 50‬لماذا فكرت في الانتحار؟ | إيناس عبدالله‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56