Page 67 - لماذا
P. 67

‫لماذا؟‬

‫أما النوع الثالث من الفراق فهو الفارق الذي يكسرنا عن غدر؛ وذلك لأن الأثر‬
‫الذي يخلفه صاحبه لا يتعلق به وحده؛ بل بالبشر من بعده‪ ،‬بالثقة التي كسرت‬
‫بمجرد غدره ورحيله‪ .‬ليس هذا وحسب؛ بل إذا عاد مرة أخرى معتذ ًرا مقد ًما‬
‫أسبا ًبا ومبررات لا تعد ولا تحص ى لتبرير فراقه على غير موعد‪ ،‬لن يتلقى سوى‬
‫الجحود‪ ،‬ولن يتقبل سوى بالرفض‪ ..‬مهما بدا عليه من مشاعر الندم والخذلان‬
‫لن يت َلقى سوى إجابة واحدة‪ ..‬لا سبيل للعودة‪ ،‬فالذي كسر بفراقه ليس إناء ماء‪،‬‬

                                                     ‫بل روح إنسان‪.‬‬
‫الذي كسر هو قلب كان مح ًّبا وصاد ًقا وأصبح من وهن ِه غير قادر غير على‬
‫ش يء سوى النبض ليظل على قيد الحياة‪ .‬فعندما تفارقون‪ ،‬عليكم بالرفق بمن‬
‫تفارقون‪ ..‬لن أقول لكم ضعوا أنفسكم في موضع من تغدرون بهم‪ ،‬ولكن سؤالي‬

                                          ‫لكم هو السؤال الأزلي‪ ..‬لماذا؟‬

                                 ‫لماذا وصل بكم الوضع إلى هذا الحد؟‬

‫فهل الحوار بينكم عقيم وبات ال ِفراق بدون سابق إنذار أو تنبيه هو الحل‬
‫الأزلي؟ مهما تعددت الأسباب التي ستدفعكم للفراق فمن حق الطرف الآخر أن‬
‫يحصل على بعض الأجوبة‪ ..‬أن يشبع فضوله‪ ،‬أن يكبحوا جماح ظنونهم التي قد‬
‫تقض ي عليهم من كثرة التفكير في أسباب منطقية أو غير منطقية للفراق‪ .‬فإذا‬
‫قررتم الرحيل يو ًما ما‪ ،‬ما عليكم سوى أن تتحلوا ببعض الإنسانية‪ ،‬وأن تمنحوا‬
‫الطرف الآخر حق الثوران عليكم والصراخ والتعبير عما يجول في خاطرهم جراء‬

   ‫هذا القرار‪ .‬كونوا ولو مرة واحدة أوفياء لما كان بينكما في يوم ما‪ ..‬ولو لآخر مرة‪.‬‬

                                                ‫‪ 66‬لماذا الفراق؟ | إيناس عبدالله‬
   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72