Page 42 - تنوير 4-8
        P. 42
     لجنة الفلسفة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا  -المجلس الأعلى للثقافة
العمـل ،ماركيـوز واغتـ ارب التكنولوجيـا ،وأيضـاً اغتـ ارب      والتنميـة والإصـاح يسـتلزم ثـورة وتمـرد علـى هـذه المعانـي،
                         المـال فـي الفكـر ال أرسـمالي .                     من أجل تمهيد الأرض للابتكاروالتجديد.
وهـذا مـا يفسـر مـا نعانيـه مـن قلـق فـي عهـد التقـدم العلمـي  نحـن نتسـاءل هـل نحـن بحاحـة إلـي الحداثـة مـن
والتسـارع التكنولوجي وعصر الذكاء الاصطناعي ،إنسـان                                                  أجـل التقـدم؟
                     الآلـة ،عالـم مـا بعـد الإنسـانية (.)١٠   الإجابـة نعـم .ولكـن ليسـت الحداثـة الغربيـة التـي ترفـض
                                                               كل ثابـت ومقـدس ،وتتبنـى الشـك الشـامل ..ولكنهـا الحداثـة
هـل يسـتطيع العلـم وحـده إصـاح الطبائـع الاخلاقيـة             التـى تهـز الجمـود ،وتدمـر التخلـف ،وتحقـق الاسـتنارة.
                                          للبشـر؟
                                                                          حداثـة ليسـت نسـخة مـن الحداثـة الغربيـة...
أكـد العلمـاء أن العلـم كفيـل بتحقيـق السـعادة والرخـاء        حداثـة عربيـة دون تقليـد للغـرب  ،دون تبعيـة  ...دون
والثـروة للإنسـان ،ولكـن هـذا الـ أرى ليـس صحي ًحـا ،فلقـد
أدت بعـض العلـوم إلـى ص ارعـات بيـن الشـعوب والـدول،                  تحقيـر للعقـل العربـي ،دون قطيعـة مـع التـ ارث.
وبيـن أفـ ارد المجتمـع بعضهـم ببعـض ،أدت نظريـة التطـور        نريـد حداثـة ونهضـة تنطلـق مـن مفاهيمنـا نحـن ،ومـع
عند دارون إلى تفرقة عنصرية بغيضة بين الشـعوب ،كما              معطيـات عصرنـا وثقافتنـا ،وهـذا لا يتحقـق إلا بالإضافـة،
أدى علـم التحليـل النفسـي عنـد فرویـد إلـي اهتـ ازز حقيقـة     الثقـة بالنفـس ،وإ اردة التغييـر ،وتشـجيع منـاخ آمـن ومفتـوح،
الإنسـان ،باعتبـاره كائنـاً يخضـع للغريـزة واللاشـعور دون
إمـكان السـيطرة عليهـا ،فيقـع فريسـة للأوهـام والأمـ ارض                       وتدعيـم الحـوار القائـم علـى الحريـة(. )8
                                                               یؤكـد اسـتاذنا د .ذکـی نجیـب محمـود فـي معـرض حديثـه
            النفسـية التـي هـي أخطـر أمـ ارض العصـر.           عـن الحريـة أن الحريـة لا تكـون إلا مـن قيـد  :قيـد الجهـل
فالعلـم -بهـذا المعنـى  -قـد يحقـق للإنسـان القـوة والقـدرة    والخ ارفـة ،قيـد النـص المنقـول ،والتفكيـر النقـدى هـو التفكيـر
والسـيطرة علـى الطبيعـة ،ولكنـه لا يسـتطيع أن يحقـق            الحـر المعقـول .الحـر مـن قيـود الآ ارء المسـبقة ،والمعقـول
                                                               فـي خطـة سـيره نحـو هـدف مقصـود .هـذا التفكيـر القائـم
                                  للإنسـانية السـعادة.         علـى الحـوار العقلـي المسـتنير مـن أوضـح العلامـات التـي
لابـد مـن تضافـر القيـم الدينيـة والأخلاقيـة مـن أجـل حـل
                                                                     تشـير إلـي قيـام نهضـه وإصـاح فکـری إنسـاني()9
             المشـكلات التـى يعجـز عـن حلهـا العلـم(.)11                         هل التقدم يمكن تحقيقه بالعلم وحده ؟
   المحور ال اربع  :آليات التجديد والإصلاح والتقدم             صـور المفكـرون عصرنـا هـذا بأنـه عصـر العلـم
                                                               والتكنولوجيـا ،وأي ًضـا عصـر القلـق والحـروب ...خاصـة
(-)1التواصــل ،الحــوار أحــد أهــم مقومــات التقــدم          عصرنـا الحالـي الـذي يمـوج بالحـروب والقلـق والخـوف
                 الإنســاني مــن أجــل عالــم أفضــل.          والمجاعـات والأمـ ارض ،والكـوارث وغيرهـا مـن مشـكلات
-إذا كنـا نؤكـد علـى الدعـوة للتأمـل والتفكـر ،التفكيـر                                               حيـرت العالـم.
العلمـي ،فإننـا أي ًضـا تؤكـد علـى الحـوار بالمعنـى الشـامل     -تقدمـت العلـوم ومـا تبعهـا مـن تطبيقـات تكنولوجيـة تقد ًمـا
للكلمـة  -ليـس الحـوار الدينـي فقـط ،بـل الحـوار الفكـرى،      عظي ًمـا ،وبـدلاً مـن أن تحقـق السـعادة للإنسـان ،جعلتـه
          الثقافـي ،التربـوى ،الاجتماعـي  ،الحضـاري.                                               غريًبـا مـن عالمـه.
فنحـن نعيـش عصـر الثـورة المعلوماتيـة ،ولا بـد مـن لغـة        أصبـح إنسـان العصـر مجـرد تـرس فـي عجلـة الإنتـاج،
                                                               وهـذا مـا صـوره فلاسـفة الغـرب أنفسـهم ،ماركـس ،واغتـ ارب
         تبـادل المعلومـات والتفاهـم عـن طريـق الحـوار.
الأصـل فـي لغـة الحـوار أن تكـون متكافئـة ومتعادلـة،
                                                               42
     	
