Page 282 - merit mag 36- dec 2021
P. 282
العـدد 36 280
ديسمبر ٢٠٢1
المعنى المتحول في
قصائد «مخطوطات في
كاهنة عباس
(تونس) جيب حانة» للشاعر
عبد الوهاب الملوح
مكان إلى مكان ومن سياق إلى الإنسان للعالم بمستويات متعددة نشرت مجلة ميريت المصرية
آخر. من الوعي ومن المعرفة.
في عددها 32الصادر بشهر
وتتمثل قدرة الشاعر الإبداعية ففي قصيدته الأولى ،استعمل أغسطس ،2021بصفحتها
على زحزحة المعنى وجعله مختل ًفا الشاعر عبارة الجدران في رقم ،58ثلاث قصائد للشاعر
التونسي عبد الوهاب الملوح:
إلى حد بلوغ نقيضه أحيا ًنا. سياقات مختلفة كي تكتسب الأولى بعنوان «الجدران» ،والثانية
والسبب في ذلك أن العالم الشعري معان َي متعددة ،من سقف داخلي «أن تفكر كصباح» ،والثالثة
إلى حاجز خارجي إلى سياج ،إلى «أغلفة لكتاب الصباح» ،اتخذت
للملوح لا يهدأ ،فهو في تحول حدود ثم إلى ملجأ .وكذلك الشأن جمي ًعا عنوان مخطوطات في جيب
باستمرار ،لذلك لا تحكمه النزعة
بالنسبة للطريق التي اتخذت حانة.
الجمالية فحسب ،بل وكذلك معان َي مختلفة :المعطف والرياح لا بد من التوقف عند العنوان
الكشف عن فناء الأشياء وقبحها الجامع للقصائد الثلاث :باعتبارها
وانهيارها وعدم استقرارها على والمشنقة. مخطو ًطا أودع بجيب حانة ،وهو
ومرد ذلك حسب رأينا ،تداخل ما يوحي لنا بالجدلية القائمة
حال ،باعتبارها زائلة. بين الذاكرة والنسيان والوعي
ولئن كانت نصوص الملوح العالمين الداخلي والخارجي واللاوعي ،فالمخطوط لغو ًّيا هو
شعرية «لتواتر الصور» ونسج والوعي واللاوعي ،وسعي ما كتب بخط اليد سواء كان
بعضها لبعض إلى حد التصادم كتا ًبا أو وثيقة أو رسالة ،والتي
والتناقض ،إلا أنها تبنت -أي ًضا- الشاعر من خلال حالاته كانت قدي ًما تمثل المصادر الأولية
تقنيات السرد ،حتى تتمكن من الوجدانية الشعورية إلى البحث للمعلومات ،أما الحانة فهي المكان
زحزحة معاني الأبيات وجعلها في المخصص لتناول الخمر ،المشروب
تحول مستمر كما ذكرنا. عن معنى أصلي.
فلم تقتصر الكتابة الشعرية فقصيدة الملوح وإن تشكلت من الباعث لحالة السكر.
للملوح على الخصائص المذكورة أبيات إلا أنها تميزت بتسلسل يعبر العنوان إ ًذا ،عن إدراك
فحسب ،بل تجاوزتها بأن منحت الصور والأحداث التي ما انفكت
الشاعر إمكانية «التفكير» داخل تتغير من خلال حركية مستمرة،
إثر تواتر الصورة تلو الأخرى
والمعنى تلو المعنى ،وانتقالها من