Page 111 - m
P. 111

‫‪109‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة في اليمن‬

 ‫لم أشعر إلا بيديه تتحسسان مكا ًنا آخر‪ ،‬كان أم ًرا‬       ‫عم ِر الأربعين‪ .‬كان يملك جس ًدا وقوا ًما ليس بعمره‪،‬‬
    ‫مخي ًفا‪ ،‬غلي ًظا يحاول العبث بي‪ .‬حاولت الهرب‪،‬‬          ‫جس ٌد صحي؛ كان أطول مني قام ًة‪ ،‬وأشد غلاظة؛‬
                                                            ‫من شكله يبدو أنه لا ينفك عن ممارس ِة الرياضة‬
  ‫دف َع الباب وأغلق ُه بمفتا ٍح محكم‪ .‬عرض عليَّ مبل ًغا‬     ‫التي جعل ْت منه رج ًل مفتو ًل ج ًّدا‪ .‬ما زلت أشعر‬
 ‫من المال‪ ،‬شعرت بدوا ٍر‪ ،‬حبست أنفاسي‪ ،‬استعدت‬
                                                         ‫بي ِده الضخمة ممسكة السماعة‪ ،‬كاد قلبي يغادر من‬
    ‫قواي‪ ،‬قل ُت له بغض ٍب إنني سوف أصرخ إن لم‬            ‫مكانه؛ لم يكن لمر ٍض بل لخو ٍف‪ ،‬للوهلة الأولى كنت‬
          ‫يدعني‪ .‬عاد إلى الوراء كأن شيئًا لم ي ُكن!‬
                                                           ‫أشعر بالخوف! العر ُق يتصبب على وجهي‪ ،‬يصل‬
  ‫كنت أرتجف‪ ،‬قدماي لم تحملاني‪ ،‬حاولت الثبات‪،‬‬                 ‫لعيني ضبا ٌب يغطي الرؤية‪ ،‬حاولت أن أنهض‪،‬‬
        ‫رتبت هندامي وأعد ُت ملابسي إلى مكانها‪.‬‬
                                                         ‫أحاول الهروب‪ ،‬أدفعه هار ًبا؛ لكن يديه كانتا قويتين‬
‫ملامحي لم أستطع أن أخفيها أمام الجميع؛ ارتباكي‬                 ‫وقاسيتين أقعدتاني‪ ،‬من دون حراك‪ ،‬نهضت‬
 ‫وأنا أخب ُئ س ًّرا‪ ،‬نظرا ُت الاستغرا ِب‪ ،‬كركب ُة شكلي‪.‬‬
  ‫لم أنفك منذ سنوات كابوس يوقظني كل ليل ٍة وأنا‬             ‫مرة أخرى ودفع ُت الكرسي بيننا‪ ،‬ف ِش َل وفشل ْت‬
            ‫أصرخ‪ :‬اذهب عني‪ ،‬ابتعد‪ ،‬ماذا تريد؟!‬             ‫محاولاتي؛ د َفعه وتحسس صدري بالسماعة مرة‬
   ‫قبل عشر سنوات‪ ،‬في زاوي ٍة من الغرفة‪ ،‬توهمته‬              ‫أخرى وحقنني بحقن ٍة؛ لم أدرك حينها إلا وشي ٌء‬
          ‫طبيبًا‪ ،‬فقدت رجولتي؛ كان طبيبًا خائنًا‪.‬‬
                                                                                  ‫كان يأخذني لمثل الحلم!‬
   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116