Page 86 - m
P. 86

‫العـدد ‪56‬‬                        ‫‪84‬‬

                                                            ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫عبد الغفور مغوار‬

‫(المغرب)‬

‫ظنون عرضية‬

 ‫عن دليل خيانتها لي‪ ،‬هكذا إذن‪ .‬فأنا رجل شرقي‪،‬‬                 ‫بالخارج‪ ،‬كان الجو بار ًدا ج ًّدا‪ .‬وحتى بداخل‬
‫وحسب قناعتي‪ ،‬إن كانت الزوجة تدخن س ًّرا‪ ،‬فهي‬                 ‫غرفتي‪ ،‬كنت أحس بأطرافي تتجمد‪ .‬قمت بنية‬
                                                           ‫تحضير فنجان من القهوة‪ ،‬فتعثرت ووقعت على‬
  ‫قد‪ ،»..‬ثم تداركت نفسي وقلت‪« :‬أستغفر الله‪،»..‬‬            ‫وجهي‪ ،‬ففقدت وعيي لمدة طويلة‪ .‬بعد استفاقتي‪،‬‬
    ‫ومع ذلك لم أكف عن البحث‪ .‬كنت ألوم نفسي‬               ‫لاحظت أثر نزيفي على منامتي الصوفية‪ ،‬متراخيًا‬
              ‫بشدة‪« :‬كيف كنت مغف ًل ولم ألحظ‬              ‫من أثر السقطة‪ ،‬نهضت أبحث عن كحول صيدلي‬
                      ‫عليها دليل سلوك ناشز؟»‪.‬‬            ‫لأنظف به جرحي‪ .‬وأنا أبحث في رفوف الصيدلية‬
                            ‫صرت أنفض الكتب‬              ‫المعلقة بالممر المؤدي إلى المطبخ‪ ،‬وقعت علبة أقراص‬
                              ‫نف ًضا كتا ًبا كتا ًبا‪.‬‬  ‫طبية‪ ،‬تناولتها فاندهشت لكونها تحتوي على حبوب‬
                                   ‫وقد أمضيت‬             ‫مضادة لإدمان التدخين‪ .‬نسيت جرحي للمفاجأة‪،‬‬
                                   ‫في ذلك وقتًا‬        ‫وصرت أتساءل‪« :‬من أتى بهذه العلبة هنا؟ لماذا هي‬
                                  ‫طوي ًل‪ ،‬خلاله‬        ‫هنا إن كان لا أحدا بالبيت سبق وأن كان مدمنًا على‬
                                 ‫لم أرد على أي‬
                                  ‫مكالمة هاتفية‬                                             ‫التدخين؟»‪.‬‬
                                      ‫ولم أفكر‬         ‫بدأت تحوم بي ظنون وأنا أردد في نفسي‪« :‬أمعقول‬
                                    ‫في جرحي‪.‬‬            ‫أن تكون زوجتي هي من كانت مدمنة على التدخين‬
                                        ‫حرارة‬
                                       ‫جسمي‬                 ‫ولم يكن بعلمي؟»‪ ،‬شرعت هذه الظنون تستبد‬
                                   ‫ارتفعت‪ ،‬كما‬            ‫بي وتأخذني إلى التفكير فيما هو أبعد‪« :‬إن كانت‬
                                ‫قد علا نبضي‪.‬‬            ‫زوجتي مدمنة تدخين وهي التي كانت تتناول هذه‬
                                 ‫لما أفرغت ولم‬         ‫الأقراص لتساعدها على الإقلاع عن التدخين‪ ،‬لماذا لم‬
                               ‫أجد شيئًا بغرفة‬          ‫أعلم بذلك؟ بل ماذا كانت تخفي عني من أسرار؟»‪.‬‬
                        ‫المكتب‪ ،‬انصرفت قاص ًدا‬          ‫الشك صار يعصرني‪ ،‬أجهدت نفسي على الهرولة‬
               ‫غرفة النوم وأنا أهتز من الارتعاد‪.‬‬          ‫متماي ًل قاص ًدا غرفة المكتبة‪ ،‬فتحت أدراج المكتب‬
            ‫بعض دوار كان يجعل من تنقلي أم ًرا‬
                                                           ‫وحرت كيف سأبحث في المكتبة‪ ،‬وعن أي شيء‬
                                                          ‫سأبحث هنا أو هناك‪« .‬نعم ‪-‬قلت جاه ًرا‪ -‬أبحث‬
   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91