Page 124 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 124

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪122‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫نصوص النثر‪ ،‬وضمنتها في كتاب «حلم يغفو على‬                    ‫بدأت بالنَّشر في الجرائد المحليَّة‪ ،‬ومن ث َّم في المواقع‬
                                                                  ‫الإلكترونية‪ ،‬حيث تع َّرفت إلى عدد كبير من الأدباء‬
‫مطر» صدر عن دار أرواد للنشر والتوزيع عام ‪،2015‬‬                ‫الذين ق َّدموا لي الدعم الكبير‪ ،‬تحدي ًدا ال ّروائية السور َّية‬
‫كان استراح ًة ُلغو َّي ًة يسكنها الشعر‪ ،‬وإن كنت أنفيه عن‬        ‫الكبيرة (إبتسام تريسي) وكان أن نشر ُت مجموعتي‬
                                                                  ‫القصصيَّة الأولى «كحل ٍم أبيض» في دار تالة للنشر‬
                                         ‫نفسي‪.‬‬                     ‫في دمشق عام ‪ ،2009‬لاقت المجموعة روا ًجا بين‬
                                                                ‫الأصدقاء في مختلف أنحاء الوطن العربي‪ .‬وفوجئت‬
 ‫ورغم كل ضغوطات الحرب‪ ،‬وتفاصيل الوجع اليوم ِّي‬                ‫ببعض التعليقات التي أسقطتني من العل ِّو الذي وضع ُت‬
    ‫الذي عشناه في حلب‪ ،‬كنت أثاب ُر على القراءة كفع ِل‬             ‫نفسي فيه‪ ،‬فقد أشار الكثيرون إلى أنني أكتب بلغة‬
                                                                 ‫شاعر َّية‪ ،‬وأ َّن قصصي تبتعد عن ال َّسرد‪ ،‬وتغرق في‬
  ‫مقاومة لا أملك غيره‪ ،‬أقرأ كما أتن َّفس‪ ،‬وأكتب بهدوء‬            ‫اللغة‪ ،‬وأنني أكتب قص ًصا حالمة‪ ،‬بعيدة عن الواقع‪،‬‬

   ‫وحذر‪ ،‬أستعين بأساتذتي لتقييم ما أكتب كالدكتور‬                      ‫ولكنني كنت متم ِّسك ًة برأيي‪ ،‬واثقة م َّما أكتب‪.‬‬
                                                              ‫وكانت الحرب السور َّية نقطة تح ُّو ٍل حقيق ٍّي في تجربتي‬
  ‫الشاعر سعد الدين كليب‪ ،‬والدكتور والقا ّص المغربي‬             ‫مع الكتابة‪ ،‬حيث قطع ْت ذلك الحلم الذي أصعد نحوه‪،‬‬
     ‫عبد العزيز غوردو‪ ،‬والشاعر والقاص الفلسطيني‬
                                                                 ‫وأعادتني إلى واق ٍع ُمغ ِرق في ال َّسواد‪ .‬عش ُت الحرب‬
  ‫الأستاذ خالد الجبور‪ ،‬كانوا رعا ًة لي‪ ،‬لا يبخلون عليَّ‬       ‫بك ِّل تفاصيلها‪ ،‬عشت النزوح‪ ،‬العتمة‪ ،‬العطش‪ ،‬الخوف‪،‬‬
‫بالمشورة‪ ،‬ويدعمون تجربتي بكثير من النقد والتَّوجيه‪،‬‬
                                                                    ‫الموت الذي بات حديثًا يوميًّا‪ ،‬الغربة التي احتلَّت‬
                           ‫والإشادة حين أستح ُّق‪.‬‬                 ‫الوطن‪ ،‬وبدأت الكتابة تعني لي شيئًا آخر‪ ،‬صارت‬
     ‫وحلَّت الحرب كثيمة أساسيَّة في تجربتي الأدبية‪،‬‬           ‫سق ًفا يحميني‪ ،‬وحائ ًطا يسندني‪ ،‬وحب ًل يش ُّدني‪ ،‬وأما ًنا‬
  ‫وكان لا ب َّد لها من ذلك‪ ،‬هي اللئيمة التي لا تترك لنا‬
   ‫فرص ًة للتن ُّفس خارجها‪ ،‬وكانت تجربتي القصصية‬                                     ‫يقيني من ارتكاب حماقة ما‪.‬‬
                                                                  ‫ولكنني عدل ُت عن عادتي في ممارسة الكتابة كفعل‬
  ‫الثالثة «أزرق‪ ..‬رمادي» الصادرة عن سلسلة الإبداع‬               ‫يوم ٍّي‪ ،‬صار الأمر يقتصر على بعض المنشورات على‬
                                                                  ‫صفحتي على الفيس بوك‪ ،‬أ َّما كتابة الق َّصة‪ ،‬فكانت‬
  ‫العربي في الهيئة المصرية للكتاب عام ‪ ،2020‬وكانت‬
                                                                    ‫تحتاج منِّي الكثير من التأ ِّني والمراجعة والتعب‪.‬‬
  ‫المجموعة نقلة نوعية في أسلوبي القصصي‪ ،‬وتجربة‬                   ‫في عام ‪ 2014‬أصدرت مجموعتي القصصية الثانية‬
    ‫أعت ُّز بها‪ ،‬غير أ َّنها لم تل َق ما تستح ُّقه من الحضور‬     ‫«عالم آخر يخ ُّصني» عن دار نون‪ 4‬للنشر في حلب‪،‬‬
   ‫كو َنها صدرت في عام منحوس‪ ،‬العام الذي تزاحمت‬
   ‫فيه المصائب‪ ،‬واحت َّل فيه فايروس كورونا الحضور‬                                             ‫والتي تن َّوعت بين‬
                                                                                                 ‫قصص قديمة‬
 ‫الأقوى‪ ،‬الموت الذي جاء في لون جديد‪ ،‬لم نشعر نحن‬
  ‫السور ِّيين بغرابة في حضوره‪ ،‬بل كان تجرب ًة جديدة‬                                          ‫وقصص من واقع‬
                                                                                                 ‫الحرب‪ ،‬والتي‬

                                                                                              ‫بدأ ُت فيها أتخ َّفف‬
                                                                                               ‫من اللغة‪ ،‬وأنحو‬
                                                                                             ‫نحو ال َّسرد بشك ٍل‬

                                                                                                 ‫أكبر‪ ،‬وأمضي‬
                                                                                                 ‫باتجاه الواقع‪.‬‬
                                                                                               ‫ولك َّن اللغة كانت‬
                                                                                              ‫تل ُّح عليَّ‪ ،‬تسرقني‬
                                                                                            ‫نحو الشعر مجد ًدا‪،‬‬
                                                                                                 ‫فأنقذت بعض‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129