Page 137 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 137
135 تجديد الخطاب
والإقصاء ،فيما هي تشكل ثابتًا به الملاحة واعتزت به الرتب(.)10 وسر برحلي وذرني أندب الأثرا
دلاليًّا ومؤش ًرا أسلوبيًّا يتردد هي تغريبة في الزمان والمكان أعفر الخد بين الترب منكسرا
بكثرة في شعر ابن خاتمة ،وهي ليقضي الخد في أجراعها وطرا
(أي تيمة التخلف) لا تختلف عن تترجم عاطفة دينية قوية ،ووج ًدا
إشكالية الذنب /الغفران لدى ابن فيَّا ًضا مجل ًل بالشوق والحنين، من ترابها ويؤدي بعض ما يجب
إنها إسراء صوفي ينتقل الشاعر يا صاح والقلب لا يصحو للائمة
الخطيب(.)13
ولا تنتهي رحلة ابن خاتمة عند عبره من الأندلس إلى المشرق بالله إن ملت من نجد إلى سمة
هذا ،من مكان إلى مكان ومن مقام معر ًجا على محطات مأهولة عارض صباها لتشفين بنا سمة
ومل إلى البان من شرقي كاظمة
إلى مقام ،نداؤه متواصل عبر بالقدسية والرمزية« :ذي السلم»، فلي إلى البان من شرقيها طرب
أعطاف القصيدة يفجر لواعجه «نجد» و»كاظمة». فأي مغنى زكت في الطيب تربته
المحمومة وأشواقه الحرى الملتهبة
يقرر الشاعر في مستهل قصيدته تحدو النفوس للقياه محبته
التي تعكسها المقاطع الطويلة أن الوصب والحزن عجما عوده وتزجر اللحظ عن مرآه رهبتة
لأساليب النداء (يا صاحبي، وأنهكاه ،فهو مسكون بحب بارئه
يا حاذي العيس ،يا صاح ،إيه أكرم به منز ًل تحميه هيبته
خليلي) وأفعال الأمر المسترسلة مشوق إلى الاتصال به: عني وأنواره ،لا السمر والقضب
(ساعدني -قف بي -قل لي -سر يا حاض ًرا سره عندي ،وفي،
برحلي -ذرني -عارض صباها- إيه خليلي بوذي فيك ،لا نبذا
قل أي مغنى -شم ذا البريق). ومعي شم ذا البريق وخذ بي حيث ما
مما سبق نستنتج أن رحلة ابن أغير ذكرك أملي أم سواه أعي
خاتمة نتجت عن هذا الإحساس تالله ما راق عيني حسن مرتبع أخذا
بالاغتراب الأصلي ،ومن ثم نفهم وحاذه فهو من آمالنا بحذا
إلحاحه على العودة إلى الأصل ولا طمعت لمرأى أو لمستمع ومل يمينا لمغنى تهتدي بشذا
من خلال تعلقه بالتراب ،ولا إلا لمعنى إلى علياك ينتسب()11 نسيمه الرطب إن ضلت بك النجب
غرو فإن مثل هذا الإحساس إن من شأن هذا الحب وذلك فازت نفوس قبيل العيس قد
«يخترق وجود الصوفي وحياته، الشوق أن يدفعا به إلى الوقوف
كما أن الإحساس بالانفصام هو على الأطلال ،وهي هنا الكثب (قف ظعنت
الذي يفسر ارتباط حركة الرحلة بي عليها وقل لي :هذه الكثب)، وشاهدت حسن من تشتاقه ودنت
بحركة الحب والعشق الإلهي»(،)14 لكنها ليست قط ًعا كثب الشاعر
المتجسدة أسا ًسا في هذا المغنى أحبب لقلبي بمثولها لقد أمنت
النوراني الذي «تحدو النفوس الجاهلي ،وإنما هي المقامات ففيه عاهدت قدما حب من حسنت
للقياه محبته» ،له الهيبة والرهبة التي ينزلها العارفون بالله في
والهداية والحسن( ،)15وقد فاز من سيرهم إلى ما يتناهى من علمهم
كان سبَّا ًقا إلى ارتياده وغشيانه بمعبودهم( .)12ولعل ما يزكي هذا
التفسير (التأويل) قوله« :سر
والدنو منه: برحلي وذرني أندب الأثرا»« ،أعفر
فازت نفوس قبيل العيس قد الخد بين الترب منكسرا» ،ترى لم
ظعنت هذا الذل والانكسار؟
وشاهدت حسن من تشتاقه ودنت الراجح أن الشاعر يندب
الأطلال ويبكي ما بقي منها
أحبب لقلبي بمثواها لقد أمنت من آثار العارفين ،حيث لم يكن
فيه عاهدت قد ما حب من حسنت له قدم فيما نزلوا فيه ،وبرأي
الباحثة فاطمة طحطح فإن تيمة
التخلف عن ركب الحجيج تولد
لدى الشاعر شعو ًرا بالإبعاد