Page 153 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 153

‫حول العالم ‪1 5 1‬‬

‫جاك ماريتان‬  ‫تشارلس بودلير‬     ‫بول إيلوار‬                      ‫الدائم عن الحقيقة‪ .‬ومن‬
                                                              ‫بين كتبها الأخرى‪ ،‬تجدر‬
                   ‫أخرى)‪.‬‬      ‫يتم بواسطة خشوع جميع‬         ‫الإشارة إلى «مارك شاغال»‬
‫وهكذا يبدو الشعر لي كثمرة‬       ‫الحواس‪ ،‬مهما كان هار ًبا؛‬
 ‫اتصال للفكر بالواقع المتعذر‬    ‫إنه الشرط الأول للتصور‬          ‫(‪ ،)1943‬و»ليون بلوا»‬
 ‫الوصف في ذاته‪ ،‬وبينبوعه‪،‬‬                                   ‫(‪ ،)1947‬و»أمير هذا العالم»‬
                                    ‫الشعري؛ يتعلق الأمر‬      ‫(‪ ،)1925‬و»الحياة محكية»‬
    ‫الذي هو في الحقيقة الإله‬      ‫هنا بخشوع منفعل مثل‬
 ‫عينه‪ ،‬في حركة محبة تقوده‬      ‫الطمأنينة التي يتحدث عنها‬       ‫(‪ ،)1935‬و»رسالة ليل»‬
   ‫إلى خلق ص َور لجماله‪ .‬ألم‬     ‫المتصوفة‪ ،‬وليس بتركيز‬     ‫(‪ ،)1939‬و»ملاك المدرسة أو‬
                                  ‫إرادي ونشيط (المطلوب‬      ‫حكي القديس أوغسطين إلى‬
    ‫يقل بوكاشيو إن «الشعر‬         ‫أي ًضا‪ ،‬ولكن في لحظات‬    ‫الأطفال» (‪ ،)1957‬و»يوميات‬
   ‫لاهوت»؟ إنه على أية حال‬
   ‫مبحث وجود‪ ،‬لأنه يستمد‬                                             ‫رايسه» (‪.)1962‬‬
  ‫منشأه‪ ،‬إذا كان اصي ًل‪ ،‬من‬
 ‫الينابيع الملغزة للوجود‪ .‬هنا‬                                 ‫النص المترجم‬
 ‫تنعقد المعرفة الشعرية حيث‬
‫يقترن الشاعر بتفرد الأشياء‪.‬‬                                     ‫كل من يرغب في معرفة‬
  ‫انغمر الشاعر في نهر الفكر‬                                   ‫أعماق الفكر‪ ،‬أو إذا أردنا‪،‬‬
                                                            ‫معرفة روحانية الكائن‪ ،‬يبدأ‬
       ‫الموجود تحت نشاطنا‬                                   ‫بالدخول إلى ذاته‪ .‬وسيلتقي‬
 ‫الاعتيادي بأكمله‪ ،‬لقد أحس‬
‫بالاتصال بهذا الواقع الغريب‬                                      ‫الشعر أي ًضا في داخلية‬
 ‫عن الص َيغ‪ ،‬في هذا الخشوع‬                                   ‫الحياة‪ ،‬والتفكير‪ ،‬والوعي‪،‬‬
                                                             ‫إذا كان مقد ًرا له أن يلتقيه‪.‬‬
    ‫النادر والخصب‪ ،‬والذي‬                                   ‫ولاسيما إذا كان من الشعراء‬
 ‫ينبغي استحقاقه بكيفية ما‪،‬‬                                     ‫الذين ينبلج فيهم الإبداع‬
 ‫والذي يخرج منه منع ًشا في‬                                  ‫الشعري ‪-‬الانفعال‪ ،‬الحدس‬
                                                              ‫المُ َك َّون‪ -‬وليس من ضجة‬

                                                                ‫الخيال المتواصلة‪ ،‬ولكن‬
                                                               ‫من الخشوع في الصمت‬
                                                             ‫الأكثر تجري ًدا من الأشكال‬
                                                                 ‫والعبارات‪ ،‬حينما يبلغ‬
                                                           ‫الصمت درجة عليا من العمق‬

                                                                             ‫والصفاء‪.‬‬
                                                            ‫يوجد ينبوع الشعر‪ ،‬بحسب‬
                                                            ‫رأيي‪ ،‬مثل ينبوع كل حدس‬
                                                           ‫خلاق‪ ،‬في تجربة معينة يمكن‬

                                                              ‫تسميتها «معرفة» غامضة‬
                                                                 ‫وعذبة‪ ،‬بعذوبة مكتملة‬

                                                             ‫الروحية‪ ،‬لأن كل شيء في‬
                                                              ‫هذه الأعماق روح وحياة‪.‬‬
                                                            ‫ويعرف الشاعر أن ولوجها‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158