Page 14 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 14

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪12‬‬

                                                   ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫أفكار مرجليوث بعد ذلك بعام بصورة شديدة‬           ‫ويذكر أنها مشكلة واجهت من حاولوا أن يقدموا‬
      ‫التفصيل‪ ،‬وبلهجة بلاغية مدرسية إلى حد ما‬         ‫نظرة أدبية علمية خاصة بالشعر العربي القديم‪،‬‬
                                                    ‫وأوجز التصور العربي لجمعه وروايته في مراحل‪،‬‬
  ‫للجمهور العربي الأعزل”(‪ ،)11‬ويرى أن المناقشات‬        ‫بداية من إنشاد الشاعر القصيدة لنفسه‪ ،‬أو أن‬
‫التي ظهرت بعده أجبرته على التخفف منها في طبعة‬
                                                        ‫يقوم الراوي بإنشادها ونقلها للأجيال التالية‪،‬‬
  ‫ثانية للكتاب في العالم العربي وفي الغربي‪ ،‬وكان‬          ‫ويمكن أن يكون للشاعر عدة رواة‪ ،‬ومن ثم‬
  ‫بروينلش من أشهر من نقد فكرة مرجليوث وطه‬
                                                   ‫فالراوي يمكنه أن ينقل عن أكثر من شاعر‪ ،‬ويمكنه‬
                                ‫حسين تفصي ًل‪.‬‬      ‫أن يكون راو ًيا عن قبيلة بأكملها‪ ،‬ويمكن أن يتحول‬
    ‫أما عن فاجنر نفسه فإنه يصف نفسه بأنه من‬
   ‫أصحاب الشك المعتدل‪ ،‬فلا يرفض الشعر القديم‬         ‫الراوي نفسه إلى شاعر مثل‪ :‬زهير بن أبي سلمي‬
  ‫بأكمله ولا يقبله برمته‪ ،‬ولعل رأيه هذا وضعه في‬                                    ‫وكعب بن زهير‪.‬‬
    ‫مرتبة متقدمة لدي بعض الباحثين العرب‪ ،‬فقد‬
    ‫حظي بمدح منهم وثناء ووصف باعتداله‪ ،‬وأنه‬          ‫واستمرت حركة جمع الشعر وكان خلف الأحمر‬
‫ينتمي لمدرسة مغايرة للمدرسة الألمانية الأولى التي‬       ‫وحماد الراوية وأبو عمرو بن العلاء من أشهر‬
    ‫عرفت بتعصبها ضد الشعر القديم والدراسات‬
     ‫العربية‪ ،‬وساحأول عبر صفحات هذه المقاربة‬        ‫الرواة‪ ،‬بالإضافة لما جمعه بعض المهتمين بالمسائل‬
    ‫تفنيد أفكاره الواردة في مباحث الكتاب المختلفة‬     ‫النحوية واللغوية من أبيات بوصفها شواهد دالة‬

                                    ‫ومناقشتها‪.‬‬     ‫على قواعد بعينها دون الاهتمام بمضمون القصائد‪.‬‬
    ‫يتوقف فاجنر ليناقش افتراض الكتابية المبكرة‬           ‫ثم جاءت فكرة جمع قصائد مشهورة‪ ،‬فكانت‬
     ‫للشعر القديم الذي طرحه ناصر الدين الأسد‬
 ‫وفؤاد سيزكين‪ ،‬ويؤكد أن أوجه الانتحال المتعمدة‬     ‫المعلقات والمفضليات والأصمعيات وديون الحماسة‪،‬‬
                                                           ‫بالإضافة إلى جهود ابن السكيت والسكري‬
      ‫ممكنة للنص المكتوب تما ًما كالنص الشفهي‪،‬‬
‫فالنص المكتوب قد يطوله التلف أو يفقد بالكلية‪ ،‬مع‬    ‫وصاحب الأغاني في جمع وتصنيف مادة إخبارية‬
                                                    ‫حول هذه الأشعار‪ .‬وفي السبعينيات وجدت نظرية‬
  ‫الاعتراف أن عدم التدوين المبكر تسبب في فقدان‬
‫الكثير من الشعر العربي القديم الجاهلي أو الأموي‬         ‫الشعر الشفاهي مدخ ًل لدراسة الشعر القديم‪،‬‬
                                                    ‫ومفاداها أن المنشد عند إلقاء القصيدة شفهيًّا يعيد‬
                                   ‫أو العباسي‪.‬‬       ‫صياغتها كل مرة عند الإلقاء‪ ،‬ومن ثم يصبح كل‬
‫كنا توقفنا من قبل عند حديث فاجنر عن قرن كامل‬
                                                                               ‫إلقا ٍء نظ ًما جدي ًدا لها‪.‬‬
                                                   ‫سنلاحظ عبر الكتاب ‪-‬وهو كما أسلفت الجزء الأول‬
                                                   ‫من النسخة الأصلية‪ -‬أن فاجنر في أكثر من موضع‬
                                                    ‫يثني على العصر الأموي من حيث وضع الشعر أو‬

                                                          ‫حركة جمعه وتوثيقه أو تطور الشعر نفسه‪،‬‬
                                                          ‫وكأنه ارتبط به ويعلن عن ارتباطاته من آن‬

                                                                    ‫لآخر في الجزء الأول من الكتاب‪.‬‬
                                                       ‫لا يري فاجنر أي غرابة فيمن يتشكك في نشأة‬

                                                          ‫تلك النصوص وصحتها وخاصة بعد مرور‬
                                                             ‫قرنين أو ثلاثة على جمعها‪ ،‬وكان نولدكه‬

                                                       ‫وآلفارت أول من أثارا هذا القضية‪ ،‬معتبرين أن‬
                                                        ‫قس ًما كبي ًرا من هذا الشعر قد يكون موضو ًعا‬

                                                          ‫أو منتح ًل‪ ،‬إلى أن قال مرجليوث بأن الشعر‬
                                                        ‫القديم كله منتحل وتابعه طه حسين في دعوته‬
                                                         ‫بعد عام منها‪ ،‬وقد وصف فاجنر محاولة طه‬
                                                       ‫حسين وص ًفا استوقفنى‪“ :‬وقد قدم طه حسين‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19