Page 95 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 95
93 إبداع ومبدعون
قصــة
هبة الله أحمد
صاحب الكرامة
ذات المبسم السكري ،والقوام اللدن المشرب بحمرة “الله يا دايم ،هو الدايم ،ولا دايم غير الله»..
العز. الهتاف ير ُّج القلوب ،يستجلب آخرين يسيرون في
الموكب ،يتسارع ذوو الأكتاف الأوسع والأعلى في
سور بيت العمدة عا ٍل ،ويعلوه زجا ٌج مكسو ٌر .لا
ُتفتح البوابا ُت على مصراعيها إلا في الليالي التي كان حمل النعش؛ ليرتفع أكثر ،وتخ َّف حرك ُته.
يمرون الآن على بيت جدي ،أُجبر الموكب على
ُيقيمها في مولد النبي ،وطهور أحد أولاده .الولو ُج الوقوف؛ أراني هناك ضئي ًل يختلط الترا ُب باللعا ِب
إلى حديقته ،وعمل استراتيجيا ٍت متقن ٍة منِّي ومن السائ ِل على ذقني ،أطارد الدجاج والإو َّز بعصا
أبناء حارتي لسرقة المانجو من أشجارها ،والرجوع « َم ْحلب» طو ُلها يفوقني بثلاثة أضعاف .أصبت أكبر
بها سالمين من نباح «عسكر» ،والتخفي من الغفر إوزة في رأسها؛ فخرجت نسوان الدار يصرخن
انتصا ٌر لا تعادله إلا سرقة قطفة من شه ِد مب َسم ليعا ِجل َنها بالسكين .يأكل جدي مستفه ًما“ :هو اللي
جميلة .رفع ُت رأسي للبوابة الخشبية التي علَّق ْتني
عليها عيو ُن عسكر الحمرا ُء ،التي رصدت تخلُّفي جاب داغها؟!”.
تضحك أمي وهي تقول“ :بالهنا والشفا يا حاج”.
عن ز َّفة المولد ،والتواري خل َف صوامع الغلَّة.، ثم انكمشت ابتسام ُتها حتى كادت شفتاها تختفيان
آكل رغي ًفا ساخنًا بالسكر يتساق ُط منه ال َّسم ُن،
متح ِّس ًسا جميل َة ،وألويها بين يد َّي .لوهل ٍة أحسست حينما ر َّد:
أنني أمتلكها ،وأمتلك المنزل ،والبهائم والغفر؛ حتى “ما تفرحيش به قوي ده ابن موت”.
إلا أنني عشت طوي ًل ج ًّدا حتى صرت ظ ًّل للصمت.
هبشني عسكر و(مرمغني) في التراب! مررنا جمي ًعا من البوابة الخشبية الكبيرة التي
ِخ ْل ُت ُه سيسلب روحي ،ويق ِّطع أوصالي .علَّقني تفص ُل البيوت عن الغيطان ،إلا العمدة والأعيان
العمدة على البوابة -هي فوقي تما ًما الآن -عار ًيا إلا الذين حاولوا تقليد الباشا صاحب العزبة المجاورة
من سروا ٍل داخليٍّ ،جسدي مدهون بالعسل ،لم يقو بعد الثورة؛ فبنوا بيوتهم وسط الغيطان ،و َس َّوروها
عمي على إنزالي .زمجر جدي وهو يقول للعمدة: بأسلا ٍك ،وأطلقوا فيها كلا ًبا سودا َء لا تك ُّف عن
النباح ،أشرسها «عسكر» كلب العمدة أبو «جميلة»
“يستاهل؛ عيل ابن كلب قليل الحيا”.
ثم ركن إلى العارضة يبكيني مطمئنًا إياي: