Page 98 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 98
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
عند الجمهور وجعلها فنانة القرن .وبالإضافة إلى مجلــــــــــــــــة
موهبتها وعبقريتها الغنائية فقد كانت تتمتع بكاريزما
جعلت منها شخصية فنية ساحرة بصوتها الذى يهرع وقد ظهرت موهبتها في ال اربعة من عمرها؛ حيث
له المحبين من كل مكان في العالم ،فهى تتمتع
بجمال من نوع خاص جمال الصوت ذي المساحة أبدت إعجابها بآلة البيانو وبالموسيقى وبالفعل بدأت
الصوتية والقدرة التعبيرية والاحت ارفية الفائقة في
توظيف صوتها الذى حاباها الله إياه بإعجازه بمساحة تعلم البيانو وهى في السابعة ثم بدأت مرحلة الغناء
صوتية تزيد عن ثلاثة أوكتافات استطاعت هى
بعبقريتها على استغلال هذه المنحة وتوظيفها بالشكل وهى في العاشرة وكانت منذ تلك البدايات تشعر
الذى يجعل من صوتها أفضل صوت أوب ارلى في
التاريخ تقريًبا .وهى تعتبر مغنية الأوب ار الوحيدة التي بتجاوب الجماهير وحبهم لها حينما تغنى فتؤثر
قامت بما يتعدي الخمسين دوًار مختلًفا في شخصيات
الأوب ار ،ومن المعروف أنه في مجال تنوع الأدوار لم المشاعر وتسحر العقول ،فحينما تظهر كالاس على
تتعد أي مغنية التنويع بين عشرين دوًار على الأكثر،
وهذا ما يؤكد أنها حالة غنائية فريدة في عالم الغناء المسرح يطغى حضورها على جميع المشاركين وسط
الأوب ارلى ما ازل نجمها يتلألأ فى سماء الفن ورغم
مرور كل هذه السنوات على رحيلها؛ إلا أنها ما ازلت هالة وحفاوة بالغة من الجمهور الذى تسطو عليه
محتفظة بمكانتها الغنائية فى الأوساط الموسيقية
ولدى جماهيرها فى كل مكان .والمدهش أن ماريا وتستأثره طوال العرض ليصبح الجمهور فى حالة
كالاس لم تكن بارعة الجمال لكنها كانت مثل سلفها
القديم الشاعرة والمغنية اليونانية “سافو” التي خلبت عشق وشغف أن يستمتع بفنها م ارت وم ارت أخرى.
بصوتها وشعرها كل رجال اليونان في القرن السادس
قبل الميلاد وتمنى الكثيرون الاقت ارن بها وذلك لما واشتهرت كالاس بأدائها لأدوار البطولة فى
أضفته موهبتها العظيمة عليها من جمال خاص جعل كثير من الأوب ارت أهمها “توسكا” و”مدام بترفلاي”
الجميع يقع في عشقها فى الحياة وبعد الممات ،إنها لبوتشيني و”عايدة” و”ماكبث” ،و”لات ارفياتا” و”الحفل
التنكري” لفيردي ،و ارئعة المؤلف الفرنسي جورج
دائ ًما الم أرة المبدعة رمز الحياة والجمال. بيزيه “كارمن” ،وروائع فاجنر الألمانية “تريستان
وإيزولده” ،و”دي فالكوره” و”بارسيفال” وغيرها ،أما
98 دور “نورما” لبلينى فقد أبدعت فيه وحققت نجا ًحا
منقطع النظير وخاصة أغنية “كاسيا ديفيا” وتعنى
(القديسة) باللغة اليونانية ،وهو الاسم الذى أطلقه
عليها محبيها ولصق بها إلى نهاية المطاف؛ حيث
كان أداؤها في مواجهة الجمهور يتميز بالبساطة
والتلقائية والتمكن مع سهولة الانتقال بين النغمات،
أي ًضا ما تتمتع به من تعبيرية مفرطة وإحساس شديد
بكل كلمة تعبر عنها بكل جو ارحها ،أي ًضا قدرتها على
تجسيد أدوارها الد ارمية بتقنية عالية وحضور عميق
مع الخبرة فى تحديد أماكن الانفعالات والعواطف فى
جميع الأدوار بالإضافة لمقدرتها الفائقة على تقمص
الشخصيات الد ارمية والتوحد معها كما استطاعت أن
تضيف لكل شخصية بعًدا جديًدا ومتميًاز عجزت عن
تقديمه أى مغنية أخرى مما ساهم فى زيادة رصيدها