Page 70 - مجلة ثقافة قانونية عدد المؤتمر
P. 70
كلمة المستشار الدكتور /عمر الشريف
رئيس محكمة الجنايات
رئيس الهيئة الاستشارية القانونية بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات
الذكاء الاصطناعي هو ظاهرة علمية تقنية مستحدثة ومستجدة على المجتمع
التكنولوجي والرقمي في العالم وفي مصر بطبيعة الحال ،ومن ثم يلزم دراستها وفهمها
ومعرفة كل جوانبها سيما وأنها تتضمن نواحي تقنية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية أي ًضا،
كما يلزم من الناحية التقنية تحديد الآثار المترتبة على تطبيقها ،وكذا الإجراءات الواجبة
الاتباع لمواجهة الآثار الإيجابية والسلبية ،وما عسى أن ينتج عنها من نشأة للمسؤولية
القانونية المدنية أو الاقتصادية أو الجنائية.
أماا عان دور القاانون تجااه هاذه الظااهرة المساتحدثة فسايكون دورا تنظيمياا ورقابياا مان
أجل وضع قواعد قانونية واجبة الاتباع من أجل تطبيقها والأخاذ بهاا والاساتفادة منهاا بطريقاة
واضحة ومحددة وتجنب أي سلوك إجرامي ممكان أن يساتغل وجودهاا دون رقياب قاانوني أو
تشريعي ،وهذا الدور القانوني اتبعه المشارع دائماا لمواجهاة الظاواهر المساتحدثة كافاة ،وقاام
بتنظيمهاا وتحدياد المساؤوليات فيهاا بادلا مان تركهاا تزياد وتتناامى داخال المجتماع بطريقاة
فوضاوية غالباا ماا يترتاب عليهاا الإسااءة فاي اساتخدامها؛ فقاد تصادى القاانون مان قبال لعادة
ظواهر تقنية ومستحدثة بإصادار تشاريع لتنظيمهاا ،ولعال مان أهمهاا ظااهرة اساتخدام التوقياع
الإلكترونااي وأهميااة ذلااك فااي مقااام الإثبااات للمحااررات الإلكترونيااة وللكتابااة الإلكترونيااة
وللادعامات الإلكترونياة؛ إذ إن كال ذلاك أصابح التعامال باه هاو الأسااس فاي تاداول البياناات
والمعلومات بين الجميع ،ولم يتبق للمحررات الخطياة والمحادثاات التليفونياة مان اساتخدام إلا
فيما ندر ،وكانت هذه المحاررات الخطياة والمحادثاات التليفونياة لهاا الحجياة دون غيرهاا فاي
عملية الإثبات طبقا لقانون الإثبات في الماواد المدنياة والتجارياة المعماول باه فاي هاذا الشاأن،
فتاادخل المشاارع بإصاادار قااانون تنظاايم التوقيااع الإلكترونااي لإضاافاء حجيااة الإثبااات علااى
المحررات الإلكترونية وعلى الكتابة الإلكترونياة والدعاماة الإلكترونياة والتوقياع الإلكتروناي
ولتنظيم العمل بها ،فأصبح كل ذلك له قانون يحكمه ويحكم التعامل به ،وهاو ماا نارى وجاوب
عمله تجاه ظاهرة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته؛ فيلزم إصدار قانون محدد لاه يطبقاه الجمياع
بشاكل مانظم وواضاح يتضامن تحدياد جمياع الواجباات والالتزاماات المترتباة علاى اساتخدام
الذكاء الاصطناعي وجميع أنواع المسؤولية القانونية الناتجة عن هذا الاستخدام.
وجدير بالذكر أن العالم من حولناا قاام بالفعال بإعاداد قاوانين ولاوائح وإرشاادات تنظيمياة
لتطبيقاات الاذكاء الاصاطناعي كماا هاو الحاال فاي اللائحاة الأوروبياة التنظيمياة والمعروفاة
بقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي والتشريعات الأمريكية في هذا المجال ولوائح توصيات
الخوارزميات الصينية والأطر والمبادئ التنظيمية البريطانية المرنة وغيرها.
ومن المناسب في هذا المقام محاولة وضع تعريف مبدئي لنظام الذكاء الاصطناعي حتاى
يتبلور لدينا المقصود منه سيما وأن المفاهيم والأقوال عن هذا النظام متباينة ومتضاربة وتفقاد
المتلقاي الفهام الادقيق للاذكاء الاصاطناعي .ومان خالال الاجتهااد البسايط والبحاث فاي مفهاوم
الذكاء الاصطناعي فإنه يمكن تعريفه بالآتي:
"هااو كاال نظااام تقنااي أو تكنولااوجي يعتمااد الآلااة ،ويعماال بمسااتويات مختلفااة ماان
الاسااتقلالية ،ويظهاار قاادرات علاااى التكياااف وحااده بعااد تشااغيله ،ويسااتند إلاااى البياناااات
مجلة ثقافة قانونية -عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | 70Page