Page 232 - nnn
P. 232
العـدد 47 230
نوفمبر ٢٠٢2 صولات كبيرة لإثبات ُهوية
الذات عبر اقتحام السياسة
وقد بره َن في موضع آخر إفصاحه عن سلاح القلم وجعلها ميدا ًنا لكشف ُهويته،
على قوته وقدرته على الذي ُيقاتل به ،وهذا دليل
دامغ على ثقافته واحترامه فسخريته من الأنظمة
سحق ال َّسلاطينُ ،منطل ًقا لذاته المُثقفة ،ولك َّن القل َم والحكام وما نحو ذلك حققت
من قلمه الذي يرفر ُف راية ينقلب عليه في ظ ِّل سلطة
في بلاد أسسها كيفما أراد رجل المخفر الذي و َّقعه على له فرصة التعبير عن الذات
اعترافا ٍت لم يرتكب أفعالها، القو َّية التي تتجلَّد صب ًرا
وشاء ،وهو فيها سلطا ٌن واستبان ذلك في قوله(:)11
وال َّسلاطين يطلبون السماح لتحمل المصاعب والمصائب،
عندي قلم واتجاهها نحو مسارات العلم
من نعله ،لذا قالها ُمعلنًا ممتل ٌئ يبحث عن دفتر والثقافة من جهة ،وميلها إلى
سيطرة ذاته المُثقفة(:)12 والدفتر يبح ُث عن شعر
والشعر بأعماقي ُمضمر الحلم وهروبها من الواقع
َق َلمي راي ُة ُح ْكمي وضميري يبحث عن أمن والتأمل للمستقبل من جهة
و ِبلادي َو َر َق ْه والأمن ُمقي ٌم في المخفر
والمخفر يبح ُث عن قلم ثانية ،لذا ُيمكن الوقوف
وجماهيري ملايي ُن ال ُحروف عليها بحسب الآتي:
المارق ْه -عندي قلم أ– ال َّذا ُت الواقع َّية:
-و ِّقع يا كلب على ال َمحضر
وها ُحأدناوأد ْسي َتنُم ِْشط َل ُ َقق ْها.ل َك ْو َن.. سلكت ذا ُت الشاعر في هذا
لبِس ُت الأر َض ن ْع ًل التما ُسك الشكلي بسياقه الاتجاه منحى التس ُّيد وإبداء
وال ّسماوا ِت َقمي ًصا المقالي فرش أرضيته على
النص برمته ،فكان العطف الرأي ،وتشريح الأحداث
ووض ْع ُت ال ّشم َس في ُعرو ِة عبر الواو مفتا ًحا إجرائيًّا من منظار ُمتكامل رصد كل
ثوبي صغيرة وكبيرة علنية وخفية
َز ْن َب َق ْه! جعل الوحدة العضوية في عالم السياسة وما يتصل
ُمتماسكة والنص بأكمله به ،فانشطرت ذاته إلى ذوات
َأ َنا ُس ْلطا ُن ال ّسلاطي ِن لوحة واحدة لا ُيمكن عزل
وأنت ْم َخ َد ٌم لل َخ َد ِم عناصرها على الإطلاق، ُمتلونة أخذت على عاتقها
تجسيد موقفها بما لمسته أو
فاطلُبوا من َقدمي ال ّصف َح فالقل ُم ُمرتبط بالدفتر، م َّرت به و ُمعالجته بالأدوات
و ُبو ُسوا َق َدمي والدفتر يتش َّوق للشعر، المُمكنة ،ولكثرتها س ُنركز على
والشعر مخزون في الضمير،
يا سلاطي َن البِلا ِد ال ّضي َق ْه! والضمير ُيريد أمنًا ،والأمن ال َّذات المُثقفة والمُتمردة .لا
يتح َّرك الشاعر هنا في ُمحصور في نطاق مخفر يخفى على المثقف وال َّدارس
سياق مقامي ُمتصل الشرطة الذي ُيسيطر على اعتماد الشاعر أحمد مطر
القلم ويو ِّجهه نحو ما يبتغيه، على ترسانة ثقافية ُمتعددة
أحدث تما ُس ًكا دلاليًّا راقي فكانت النتيجة التوقيع الأشكال والفلسفات ،وقد
المضامين والتبليغات، على ُتهمة لم يقترفها ،وهذا
يعني أ َّن المُثقفين ُملاحقون أتت أُكلها عندما ط َّرز
فالشاعر لكي يتخلَّص من و ُهويتهم المكشوفة وبال شعره السياسي بهدايا
ُجور ال َّسلاطين ف َّوض عليهم ،لذا عندما ص َّرح كثيرة فضحت السلوكيات
نفسه حاك ًما لسلطنة بشكل ثقافته -وهو الشعر- الفاسدة التي التصقت
نال ما نال من العقوبة. بالحكام وأنظمتهم ،وسمح
رسمها في ُمخيلته ،القل ُم لثقافته لأ ْن تسمو وتكون
فيها راية؛ والبلاد ورقة؛ بدي ًل ُمخف ًفا لوطأة تلك
والشعب ملايين الحروف، السلوكيات ،ومن ذلك
ولزيادة ريادة زهوه راح
يتباهى باتساع رقعة حكمه
وأ َّنه يطوي الأرض بنعله
ويرتدي السماء جلبا ًبا له،