Page 58 - عرض تقديمي في PowerPoint
P. 58

‫الحيـــــــــــاة‬

‫ما قيمة ُ الحيا ِّة إذا اقت َصرت على الما ِّديات ‪،‬وحص َر ْت نفسها في الخبز والملح‪ ،‬ومضاعفتها ؟ ! بل ما قيمة الحياة إذا لم تعبأ بجمال زهرة أو تألق نجم أو شدو يمام؟! وما قيمتها إذا‬
                                                                                                                    ‫لم ينبض قلبها بحب الجمال في أشكال ِّه وصور ِّه جمي ِّعها ؟!‬

                                  ‫إن الحياةَ الحق َة هي ما تجاو َب ْت مع العناص ِّر المكون ِّة للإنسا ِّن‪ :‬م َع جس ِّمه بتغذيت ِّه وعقل ِّه بتطوير ِّه وترقيت ِّه وعاطفت ِّه بتزويدها بالجما ِّل لتنمو وتنعم‪.‬‬
‫والإنسا ُن منذ ُخلق‪ ،‬مدَّ خيو ًطا بين الطبيع ِّة وقلبِّه ‪،‬فشع َر بجما ِّل السما ِّء والأر ِّض والطيو ِّر والأزها ِّر ‪،‬وشرو ِّق الشم ِّس ‪،‬وغروبها‪ .‬وإن حا َّل بينَه وبين الاستمتاع بها حاجته الملحةُ إلى‬

                                                                      ‫القو ِّت ومشا ِّق الدنيا وصعابها ‪،‬عادَ ليتلمس جمالها‪ .‬فالعاطفة ورقة الشعور والإحساس بالجمال قوام الحياة‪.‬‬

‫كم في الكون من جمال! ولكنه يحتاج إلى عين تبصره ‪،‬ومشاعر تدركه‪ .‬إن كثيرا من الناس لهم عيون لا يبصرون بها إلا ما يأكلون ويشربون ويدخرون ‪،‬وما أشقى من لم ي َر في‬
‫البستان إلا زهرةً تُشم أو ثمرةً تُؤكل! وما أتع َس من لا يرى في البح ِّر إلا ماء ًمال ًحا وسم ًكا يتغذى به! ولا يرى في الحما ِّم واليما ِّم إلا أنها تُصاد وتُشوى! إ َّن هؤلاء وأمثالُهم عم ُي‬

              ‫العيو ِّن ‪ ،‬ص ُّم الآذا ِّن ‪،‬غل ُف القلو ِّب ((أفلا ينظرون إلى الإب ِّل كيف ُخلقت‪ ،‬وإلى السما ِّء كيف ُرفعت‪ ،‬وإلى الجبا ِّل كيف نُ ِّص َبت‪ ،‬وإلى الأر ِّض كيف ُس ِّط َحت)) سورة الغاشية‬

                      ‫في كل جان ٍب من جوان ِّب الطبيع ِّة جما ُل‪ .‬وفي ك ِّل شي ٍء تقل ُب فيه نظر َك جما ُل‪ .‬ولك ِّل جما ٍل ذوقُهُ وطع ُمهُ كالفاكهة ِّتختل ُف أشكالُها وطعو ُمها ‪،‬ولك ِّل فاكه ٍة جمال ‪.‬‬

‫فهذ ِّه القُبة الزرقا ُء جميلة ببهائها وسنائها ولألاء نجومها ‪،‬وهذه الشم ُس الجميلةُ القويةُ مصد ُر نو ِّرنا ونا ِّرنا ‪،‬تُب ِّخر الما َء وترفعه غيو ًما في السما ِّء فتنزله أمطا ًرا – بإذن الله تعالى‪-‬‬
‫تجري به بحا َرا وأنها ًرا يُسقى به الزر ُع فينمو ويهي ُج ‪،‬والأزها ُر فتن ُض ُج وتتفت ُح‪ .‬وهذا القم ُر الودي ُع اللطي ُف يبدو هلالًا نحيلًا ‪ ،‬وينمو نم ًوا متتابعًا بديعًا ثم يعود كما بدأ ‪،‬يلع ُب بالما ِّء‬

                                                                                                                                          ‫في م ِّد ِّه وجز ِّر ِّه ‪،‬وتلوينِّه وتفضيضه‪.‬‬

  ‫في البح ِّر ‪،‬ويكون‬  ‫في النَّهر ‪،‬ويتمو ُج‬  ‫في الجداو ِّل ‪ ،‬ويتدف ُق‬  ‫الأر ِّض وجدنَا صنوفًا من الجما ِّل لا تنتهي ‪،‬فهذا الما ُء البدي ُع ينسا ُب‬  ‫سطحِّ‬  ‫وإذا نحن َرد ْدنا الطر َف من قب ِّة السما ِّء إلى‬
‫رقته يفتت الصخور‬      ‫الأنواع ‪،‬وهو على‬      ‫ملأها بالحياة من شتى‬      ‫في سريا ِنّه وتدف ِّقه وتمو ِّجه أجم ُل من صوت الناي ‪،‬وإذا مس أر ًضا‬         ‫خرير‬   ‫فضيًا وس َط النها ِّر ‪،‬وذهبيًا في الأصي ِّل ‪،‬وله‬

                                                                                                                                               ‫ويذيب الجبال ‪،‬وله في كل نه ٍر وبح ٍر تاريخ طويل‪.‬‬

‫في أعاليها يتعانق السحاب ‪،‬وفي هيكلها تتلون الصخور‬                   ‫النظر بجمالها وعظمتها وتعاريجها وارتفاعها‪.‬‬      ‫‪ -‬تفتن‬  ‫جرداء‬  ‫أو صخرية‬    ‫أو مكسوة بالأشجار‬    ‫الجبال ‪ -‬معممة بالثلوجِّ‬  ‫وهذه‬
    ‫مناطح َة السما ِّء ‪،‬وبجما ِّل أدي ِّمها كأنهُ ألوان الحربا ِّء‬  ‫الأودية تموج بالحياة ‪،‬تشم ُخ بقممها كأنها تريد‬  ‫أسفلها‬  ‫‪،‬وفي‬   ‫تعج بالخير‬  ‫‪،‬وفي باطنها المناجم‬  ‫دكناء وحمراء وصفراء‬       ‫‪،‬بين‬

                                                                                                                            ‫‪،‬وبصفا ِّء ج ِّوها ونقا ِّء هوائها ‪،‬وبعدها عن التلوث بصغائ ِّر الإنسان ‪.‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63